رغم محاولة المجتمع البحريني تجاوز أزمته التي خلقت إبان أحداث فبراير 2011، إلا أن البعض لايزال مصراً على نكأ الجرح مرة أخرى من خلال التعمد بالإساءة إلى رموز مقدسات دينية لدى الطرف الآخر.
فالبحرينيون الذين لايزالون يذكرون حادثة إجبار مدرسة لأحد تلاميذتها لتقبيل قدمها، لأن اسمه عمر، لاتزال عالقة في الأذهان، عدا عن عشرات الحوادث الأخرى التي لا تحظى كثير منها باهتمام وسائل الإعلام. فوجئ المجتمع البحريني مؤخراً بتعمد واضح للإساءة إلى خليفة رسول الله، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من قبل إحدى مدرسات مدرسة صلاح الدين الأيوبي في الرفاع.
التفاصيل التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي شاهدها الجميع، وبالتأكيد خلقت حالة من الغضب الشعبي ضد هذه المدرسة وغيرها ممن يتطاولون على الرموز الإسلامية التي نكن لها جميعاً كل الاحترام والتقدير، هذا الغضب تجاوز المدرسة المعنية ليطال في ذات الوقت كل من شاركها بإجازة المذكرة التي حملت الإساءة، سواءً المعلمة الأولى أو المديرة المساعدة أو مديرة المدرسة، والتي مهرت المذكرة بتوقيعها وختمها وشكرها، وهذا يعني ضمناً موافقتها على ما جاء فيها.
المثير في الحادثة؛ كان الرد «البارد» من قبل وزارة التربية والتعليم، والتي أعلنت في بيان عاجل أنها «تصدر تعميماً سنوياً على جميع المدارس بعدم استخدام أي ملازم غير معتمدة من الإدارات المختصة بالوزارة». مضيفاً أنه «تم تحويل الموضوع إلى التحقيق التربوي للوقوف على أسباب استخدام مثل هذه الملازم، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يثبت تجاوزه النظام».
بيان الوزارة «البارد» يدفعنا لطرح عديد من الأسئلة؛ ليس أهمها؛ هل كل ما يوزع من ملازم ونشرات في مدارس المملكة يأخذ موافقة «الإدارات المختصة بالوزارة»؟ الجواب بالتأكيد لا؛ وما يصدر من تعميمات في هذا الشأن وغيره لا يعدو ذراً للرماد في العيون، وحتى تحمي الوزارة نفسها من أية مخالفات قد تقع، ولايزال الأمر متروكاً لمدراء المدارس وحتى المدرسين أنفسهم.
السؤال الثاني؛ عن التحقيق الذي «تنوي» الوزارة إجراءه؛ هل سيطال كل المسؤولين في المدرسة والوزارة أم سيتم الاكتفاء فقط بالمدرسة التي أساءت للصحابي الجليل؟ وهل سيتجاوز قرار لجنة التحقيق خصم أيام من الراتب أم نقلها لمدرسة أخرى أو حتى الفصل؟ وبالتأكيد واستناداً على حوادث مشابهة فلن يكون هناك عقوبة شافية في حق من يثبت التحقيق إساءتهم ولا إحالة للنيابة العامة ولا القضاء كما يحدث في كل دول العالم.
الحادثة في حد ذاتها يجب أن تشكل صحوة في الوزارة لزيادة الرقابة على ما يقوم به بعض الموتورين من مدعي «التربية والتعليم» في المدارس، فما ينشر لا يشكل إلا النزر اليسير من المخالفات التربوية والتعليمية في المدارس، ولنا في كثير من مدارس القرى أمثلة..
قرار جريء يجب أن يتم اتخاذه من قبل الوزارة لتفعيل دورها وإعادة سيطرتها على المدارس، والتي أصبح بعضها «أملاكاً خاصة» لبعض المدراء وحاشيتهم، يفعلون بها ما يشاؤون دون خوف أو وجل، يدرسون ما يتفق مع أفكارهم ومعتقداتهم، وهو بالتأكيد لا يخالف أفكار ومعتقدات طلبتهم وأهاليهم، ولذلك فلا يمكن لأحد منهم أن يعترض أو يشكو.
- ورق أبيض..
الرقابة والقرارات الحاسمة من قبل الوزارة أهم أدوات حماية المجتمع من الانقسام وانزلاقه إلى ممارسات عنيفة وإرهابية، فهل ننتظر تطور الحالة ليخرج علينا طلبة يأخذون حقوقهم من مدرسيهم بأيديهم، وعندها لن ينفع الندم؟
وإذا كان هذا التطاول السافر حدث في مدرسة هنا في الرفاع؛ ترى ماذا يحدث في مدارس (هناك) لا يبدو أنها على خارطة وزارة التربية والتعليم.