عندما تستهدف الحرب على الإرهاب الأشخاص والمنظمات الإرهابية فإنها لن تحقق نتائج كلية، بل ستحقق مجموعة من النتائج الجزئية، وهذا ما حدث في العالم بأسره خلال الفترة من 2001-2015.
نتائج الحرب العالمية ضد الإرهاب صارت الملاحقة القضائية لعدد ضخم من الأفراد، وعدد كبير من المنظمات، وقتل الآلاف من الإرهابيين والمدنيين، وتجميد المئات إن لم يكن الآلاف من الحسابات المصرفية، ومع ذلك فإن الإرهاب مستمر لأن التطرف مازال باقياً حتى الآن.
لن نتحدث عن تسييس ظاهرة الإرهاب وأجندتها، بل سنركز الحديث عن استهداف الأشخاص والمنظمات ومال الإرهاب، وتجاهل الأيديولوجيات التي هي السبب الرئيس لظهور هؤلاء الأشخاص والمنظمات الإرهابية.
العالم مازال مليئاً بالأفكار المتطرفة سواءً كانت بصبغة دينية أو سياسية أو حتى اجتماعية، هي أيديولوجيات متطرفة استمرارها يعني تغذية الإرهاب، لذلك فإن الحاجة باتت ملحة جداً لاستهداف الإرهاب واجتثاثه والحد من انتشاره.
أوروبا تتحدث عن استغلال المساجد لنشر الأفكار المتطرفة، والدول العربية تتحدث أيضاً عن استغلال المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني التي باتت أداة لنشر التطرف وصناعة الإرهاب، فضلاً عن استغلالها لأغراض التمويل المشبوه الذي ينتج عنه تمويل الأنشطة الإرهابية.
استهداف الأيديولوجيات المتطرفة ضرورة لاجتثاث الإرهاب، وبالتالي من الأهمية بمكان أن تكون هناك استراتيجية دولية لمكافحة مثل هذه الأفكار وتحظى بتأييد المجتمع الدولي. وكما توجد هناك العديد من القوائم الخاصة بالأشخاص والمنظمات الإرهابية، هناك حاجة لأن تكون هناك قوائم خاصة بالأيديولوجيات المتطرفة المطلوب استهدافها.
وبناءً على هذه القوائم يتم بناء مجموعة من التكتكيات الخاصة باستهداف الأيديولوجيات، مثل تغيير المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، وإعادة تنظيم الأنشطة في المؤسسات الدينية المتعددة. وفوق ذلك تكون هناك مظلة قانونية تحمي المجتمعات من الأفكار المتطرفة بدءاً من تجريم الرموز المتطرفة وصولاً إلى الخطاب والأدبيات التي تحمل أبعاداً متطرفة وإن كانت محدودة.
قد يكون التحدي الرئيس لاستهداف الأيديولوجيات المتطرفة هو الصدام الشكلي مع حقوق الإنسان والمدافعين عنها حول العالم، ولكن هناك خط فاصل محدد ضمن منظومة حقوق الإنسان نفسها، فالحقوق لا تتداخل، بل بينها فواصل واضحة، فحق التعبير عن الرأي مثلاً لا يمكن بأي شكل من الأشكال أي يكون على حساب حق الأمن باعتبار الأخير الحق الكفيل بحفظ جميع الحقوق الإنسانية.
مثل هذا الطرح لا يختلف كثيراً عما هو موجود في البحرين، فاستهداف الإرهاب ركز كثيراً على الأشخاص والمنظمات الإرهابية، ولكنه لم يركز بالزخم نفسه على الأفكار المتطرفة التي نرى انتشارها واستمرارها عبر المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني وحتى وسائل الإعلام المختلفة. وحان الوقت لتغيير الاستراتيجية المعمول بها لاستهداف الإرهاب بالتركيز على الأيديولوجيات المختلفة لإنهاء الإرهاب ومصادر تشكيل التطرف.