قرأت كل ما نشر في الصحافة عن برنامج الحكومة بما فيها التوضيحات والتصريحات التي أدلى بها الفريق الحكومي المعني بإعداد برنامج الحكومة ووجدت أننا أمام توجهات وأهداف ورغبات ووعود وليس أمام برنامج لمعالجة موضوعات محددة أو حل قضايا مفصلة ومسماة ومبين لها زمن الحل وتكلفته ومراحله، وهو ما يجعل مجلس النواب وغيره من الجهات المراقبة والمحاسبة قادرة على فهم المستوى والأداء قبل التنفيذ وأثناءه وبعد الانتهاء منه.
فبرنامج الحكومة كما جاء في الرؤية والإستراتيجية الاقتصادية (2009 – 2014) – والتي نسيها الجميع كما يبدو – هو عبارة عن مجموعة من المبادرات، وكل مبادرة تعني بمعالجة وتطوير قضية أو قطاع معين، وتنفيذ هذه المبادرات مرتبط بمعايير و بالوصول إلى نتائج ومقارنات بمثيلاتها في تجارب الدول التي سبقتنا أو بمقاييس المنظمات العالمية المتخصصة.
فتطوير التعليم على سبيل المثال له مبادرة تنطلق من توصيفها للوضع الراهن ومن ثم شرح المجالات التي سيشملها التطوير والأهداف التي يراد الوصول إليها والتي تقارن بين مانريد الوصول إليه وما وصل إليه العالم قبلنا، وحل مشكلة الإسكان له مبادرة خاصة لا تقوم على بناء 40 ألف أو 20 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق البحرين، وإنما بوضع إستراتيجية شاملة وموضحة لطبيعة وحجم المشكلة اليوم وتوقع تطورها بعد 4 سنوات ومن ثم وضع مبادرة أو برنامج لوضع حل شامل ومتدرج يركز على ما يمكن أن ينجز منه خلال السنوات الأربع.
ولأن كل مبادرات برنامج الحكومة لها التزامات وتكلفة مالية ومرتبطة بإيرادات ومصروفات الدولة على مدى الأربع سنوات القادمة فقد نصت المادة 115 من الدستور على ما يلي:
« تقدم الحكومة إلى مجلس النواب برفقة مشروع الميزانية السنوية بياناً عن الحالة المالية والاقتصادية للدولة، وعن التدابير المتخذة لتنفيذ اعتمادات الميزانية المعمول بها، ومالذلك كله من آثار على مشروع الميزانية الجديدة».
أي أن برنامج الحكومة كان يجب أن يقدم مع مشروع الميزانية العامة للدولة لكي يعرف النواب العلاقة بين مبادرات البرنامج والتكلفة الموضوعة والمتوفرة في الميزانية، وإنه كان على الحكومة أن تؤخر تقديم البرنامج حتى تجهز الميزانية وتقدمهما إلى المجلس معاً تطبيقاً والتزاماً بنص المادة 115 من الدستور، وعلى النواب أن يطالبوا الحكومة بتعجيل تقديم الميزانية لمناقشتها مع البرنامج.