ليعذرني القارئ الكريم اليوم، ذلك أن الأخبار التي نقرؤها كل يوم تموج في رأسي، أصبحنا في دوامة أخبار، رغم أن مجلس النواب المحترم لم يعقد جلساته بعد فهو أبو الأخبار وأبو «القفشات»، رغم أن الليبرو «شمطوط» لم يفز في الانتخابات، (آقولك طلع عليه إعادة بعد)..!
بصراحة كان بودي لو أني أجلب كرسياً من الخارج «وايد كراسي بالبلد» للنائب السابق شمطوط، على الأقل يقدم لنا فواصل تكسر كآبة الجلسات ورتابتها..!
يبدو للوهلة الأولى أن المجلس من غير خارطة طريق ومن غير أولويات، حتى وإن قالوا إنه سيجتمعون على الأولويات، إلا أن من الواضح أن هذا الأمر لن يتم وستهبط عليكم مشاريع القوانين التي قدرت 61 قانوناً دون أن تعرفوا رأسكم من رجلكم..!
لا أعرف لماذا تذكرت لعبة الأطفال القديمة التي كانت في الحديقة المائية على ما أعتقد، فحين كنا صغاراً كنا نجلس في صحن دائري ويتحرك ويدور الصحن وتدور الكراسي، حتى إذا انتهت اللعبة خرجنا ندور حول أنفسنا «مثل اللي يطلعون من الحانات اللي سكروها» لا نعرف رأسنا من رجلينا..!
أعذروني أحياناً أتذكر أموراً ليست لها علاقة بالموضوع..!
لست بصدد الحديث عن مجلس النواب، سوف أترك الحديث عنه إلى ساعة أخرى يكون الحديث فيها مبنياً على وقائع ومواقف وقرارات..!
المجلس السابق انتهى وأنا لم أحفظ أسماء النواب بعد، والآن مجلس جديد، والله لا أعرف من هم الأعضاء إلا القلة منهم.. الله يعين..!
سوف أنتقل في هذا العمود إلى عدة نقاط، وسأبدأ من معلومات نشرتها وزارة الصحة في صفحة كاملة يوم أمس بالصحافة، لن أذهب إلى أمور كثيرة وردت في التقرير السنوي للوزارة، ولن أذهب للمستشفى (بو 10 ملايين) ولكني سأتوقف عند ميزانية العلاج بالخارج.
الوزارة قالت إنها رصدت 7 ملايين دينار للعلاج بالخارج، غير أن ما أنفق فعلياً خلال عام واحد كان 28 مليون دينار..!
لست ضد سياسة العلاج بالخارج أبداً، أنا مع إرسال من يستحق العلاج للخارج، مادمنا نعرف حال الطب لدينا، لكني سأتوقف عند نقطتين.
الأولى: من الذين يرسلون للعلاج بالخارج؟ هل ترسلون الذين يستحقون العلاج بالخارج فعلاً؟ وهل هناك أناس يستبعدون من قبل وزارة الصحة وهم أولى من غيرهم للعلاج بالخارج عطفاً على وضعهم الصحي؟
28 مليون دينار رقم كبير جداً، فمن الذين ترسلونهم إلى الخارج، ومن الذي يقرر ذلك؟
النقطة الثانية: طرحت قبل الآن فكرة لو أننا قمنا من خلال الميزانية العامة بتخصيص مبلغ 28 مليون دينار كل عام من أجل إقامة مستشفيات متخصصة على درجة كبيرة من الجودة، ومن الرعاية الطبية والكوادر الطبية الممتازة، ومن الأطباء الأكفاء المؤهلين، وأن نأتي بالخبراء من الخارج (ألمانيا أو أمريكا، أو بريطانيا، أو الأردن ومصر عربياً) أليس هذا أفضل من أن ننفق كل عام 28 مليون دينار للعلاج بالخارج؟
عندها سنصبح مقصداً للعلاج خليجياً، إذا ما جلبنا الأطباء الأكفاء والمتميزين والذين لهم أسماء عالمية، عندها أيضاً ستصبح لدينا سياحة علاجية محترمة، بدل البكاء على سياحة المواخير والحانات التي تروج لها أصوات إعلامية..!
إذا كانت ميزانية الدولة ترصد كل عامين، فهذا يعني أن ميزانية العلاج بالخارج خلال عامين تبلغ 56 مليون دينار بحريني، فكم مستشفى تخصصي عالمي يمكن أن يبني هذا المبلغ..؟
ليست المشكلة في المباني الطبية، أو الأجهزة الطبية فقط، مشكلتنا في البحرين في الكوادر الطبية والأطباء المؤهلين، ففي الهند مثلاً يذهب الناس إلى مستشفيات متواضعة جداً، ويقصدها الخليجيون، لكنهم لا يذهبون للمستشفى كمبنى، يذهبون إلى مستشفى متواضع لأن به طبيباً مشهوراً ولديه سمعة كبيرة، وقدم لهم (التشخيص الصحيح) والعلاج الصحيح.
هذه هي مشكلتنا، المشكلة في الكوادر الطبية، وتدريب الأطباء البحرينيين على أيدي أطباء ألمان أو أمريكان، أو حتى ابتعاثهم إلى هناك لعامين ليعملوا تحت إشراف الأطباء الكبار.
لكن بوضعنا الحالي فأعتقد أننا لا نملك الكفاءات والسمعة الطيبة، وإنني أستثني بعض الأطباء والطبيبات المميزين وهم قلة، إلا أنه بالإجمال فإن سمعتنا الطبية ليست على ما يرام.
نحن مع سياسة العلاج بالخارج حتى يتحقق شرط إقامة المستشفيات المتخصصة على أيدي كوادر طبية عالمية، لكن السؤال يعود هنا، من الذين نرسلهم للعلاج بالخارج؟ ومن يقرر ذلك؟ وهل نستبعد أناساً يستحقون العلاج ونقدم عليهم آخرين ربما أقل حاجة منهم؟
سؤال آخر بريء جداً يداهمني، إذا كانت ميزانية العلاج بالخارج 7 ملايين دينار، فمن أين أتيتم بـ21 مليون دينار إضافية؟
أذهب إلى نقطة أخرى من النقاط التي أود التوقف عندها في هذا المقال، فلم أكن أنوي الكتابة عن موضوع شركة بابكو (وهي شريان الاقتصاد البحريني) إلا أن ما صدر مؤخراً من رزنامة تتبع الشركة وقد أزيل من خارطة الخليج العربي كلمة العربي وأبقيت على (الخليج)، تظهر صورة كبيرة، رغم أن الرزنامة شيء صغير، الصورة هي أن بابكو تحتاج إلى عمل وطني كبير، تحتاج إلى ثورة، تحتاج إلى تصحيح مسار، تحتاج إلى أن يعمل بها رجال ونساء وطنيون، من بعد خراب البصرة، ومن بعد أن ضيعنا البوصلة كدولة.
النقطة التي لم أشأ أن أكتب عنها، لكن موضوع الرزنامة جعلني أكتب عنها هي أن مسؤولاً في شركة بابكو أغلق مخيم الشركة في البر لمدة يومين في غمرة الاحتفال بالأيام الوطنية (وقد أعدت الشركة المخيم لمدة أسبوع للاحتفال بالأيام الوطنية) وقد برر هذا المسؤول ذلك الفعل إلى إحياء مناسبات دينية..!
هذا ما ورد لي من أكثر من شخص بالشركة وهم يؤكدون ذلك، وإن كانت المعلومة غير صحيحة، فأتمنى من شركة بابكو تصحيحها مع عدم إخفاء الحقائق.
إن كان هذا المسؤول يريد إحياء مناسبة دينية فليذهب هو لأحياء المناسبة الدينية، لكن لماذا يغلق مخيم الشركة؟
أليس هذا العمل يعطي صورة أخرى تحاكي صورة الرزنامة التي أزيلت منها كلمة الخليج العربي، وبقيت كلمة الخليج؟
بابكو شريان الاقتصاد الوطني، ومعيب على الدولة عدم تصحيح مسارها، نادينا مراراً وتكراراً بذلك، وحتى الساعة لا يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب «وبن عمك أصمخ»..!
أتوقف الآن عند نقطة أخرى، فقد حدثتني الدكتورة الفاضلة أمل الجودر حول مشروع جميل تقوم به جمعية الكلمة الطيبة، وهو أنهم يستقطبون كل عام ما يقارب 25 شخصية فاعلة ومؤثرة في مجتمعاتها من أوروبا، وأمريكا، ومن شرق آسيا، ومن روسيا، من أجل تعرفهم بالبحرين، وأخذهم في جولات ترفيهية وتشرح لهم الوضع بالبحرين، وهو مشروع رائد وجميل، وكنا نتمنى أن تطلع به الدولة، أو على الأقل تموله وتتركه للجمعيات ذات النفع العام.
لكن ما قالته الدكتورة أمل الجودر إن هذا المشروع سيتوقف بسبب عدم وجود الرعاة من الشركات والبنوك، أو من الجانب الرسمي للدولة، ذلك أنهم يأتون بالشخصيات في شهر فبراير، ويبدو أنهم لن يتمكنوا من ذلك في هذا العام لعدم وجود الرعاة والتمويل.
الدكتورة أمل عددت أسماء البنوك والشركات التي وعدت خيراً لكنها لم تف بوعدها، وهذا مؤسف للغاية، هذا مشروع وطني نحتاجه بقوة من بعد عملية تشويه صورة الحقيقة في البحرين من قبل الآخرين، ومن قبل أجهزة إعلام خارجية.
ألا ينبغي أن تساهم إدارة الإعلام الخارجي في دعم هذا المشروع (والله من كثر التغييرات لا أعرف إن كانت هناك إدارة إعلام خارجي أم لا).
ألا ينبغي أن تساهم وزارة الخارجية في دعم هذا المشروع؟
ألا ينبغي أن تساهم وزارة الإعلام في هذا المشروع؟
كأن شأن البحرين أصبح يعني الأفراد الذين يحبون وطنهم، ولا يعني الجهات الرسمية أو البنوك أو الشركات، ألم أقل سابقاً إننا لم نتعلم بعد من الدرس جيداً، لم نتعلم مما جرى لنا في 2011؟
أتمنى أن أسمع أخباراً سارة من الدكتورة أمل الجودر حول تبني الجهات المذكورة لهذا المشروع الوطني، الذي نرجو أن يتجاوز عدد الشخصيات المدعوة فيه الـ50 شخصية وليس 25 شخصية، فالملايين في هذا البلد تبدد، والمشاريع الحيوية والتي نحتاجها لا يتم الالتفات إليها..!