يكاد المرء أن يفهم لماذا التزمت حكومة البحرين الصمت تجاه تداعيات تراجع أسعار النفط على عكس الدول الأخرى التي بينت رأيها فيما حدث وألمحت إلى ما هي عازمة اتخاذه من خطوات مستقبلية، التزام الحكومة الصمت يعود إلى أن انهيار أسعار النفط المفاجئ والسريع قد جعلها بين المطرقة والسندان.
فالسياسة الحكومية المتبعة والمتعارف عليها منذ سنوات طويلة تقوم على أن تحمل كل ميزانية عامة جديدة زيادة في الإنفاق، وبالتحديد في المصروفات المتكررة التي باتت تفوق إجمالي الإيرادات العامة في ميزانية 2013-2014، وأن هذه الزيادة المضطردة في الإنفاق تحدث بغض النظر عن الزيادة أو الانخفاض في الإيرادات النفطية والعامة.
وبما أن المصروفات المتكررة هي التي تستحوذ على الإيرادات العامة بكاملها، وهي مصروفات لا مردود لها ولا إعادة تدوير إنتاجي لها أيضاً، فقد التزمت الدولة أن تقترض لتغطي العجز في الميزانية وهو العجز الذي كان يحدث بسبب الحاجة لتمويل الجانب الآخر من المصروفات وأعني به مصروفات المشاريع.
وما يحدث في آخر كل ميزانية هو إما ارتفاع أسعار النفط إلى المستوى الذي يضيق الهوة بين السعر المستهدف من قبل الميزانية (90 دولاراً للبرميل) والسعر المطلوب لتحقيق التوازن في الميزانية (119 دولاراً للبرميل) وبالتالي يتراجع العجز المقدر في الميزانية، أو أن تزيد الوزارات الطين بلة بتجاوز حجم الإنفاق المخصص لها وبعدم تنفيذ قسم من المشروعات المقررة وتحويل مخصصاتها إلى المصروفات المتكررة أو إلى مكان مجهول.
سياسة زيادة الإنفاق هذه قد تكون ناجمة من السمة الريعية للدولة والتي تجعل الدولة تتكفل وحدها بالإنفاق على كل شيء دون غيرها، ودون مشاركة القطاع الخاص وتحمله الجزء الأكبر من هذا الإنفاق والاستثمار كما يحدث في معظم دول العالم، فدولتنا تستحوذ على جميع الإيرادات وبالتالي فلابد أن تلتزم بجميع المصروفات، بل والالتزام بالمحافظة على حجم هذه المصروفات وزيادتها.
هذا في جانب السندان أما جانب المطرقة فيقول لنا إن الهوة بين أسعار النفط المباع بها النفط البحريني (53 دولاراً للبرميل) والسعر المحقق لتوازن الميزانية بإنفاقها الحالي (119 دولاراً للبرميل) هذه الهوة كبيرة جداً ولا يمكنها لا تمويل الإنفاق ولا تغطية العجز ولا تمكين الدَّين العام من الوصول إلى 7 مليارات دينار وإنما فقط تخفيض الإنفاق وتحمل تداعياته.