النهوض والتطوير دائماً ما يكون سببه الاستقرار والثبات في سير العمل

الوضوح والشفافية وإيراد الأسباب وراء أية قرارات أو تغييرات مسألة تساهم في صناعة الثقة بين مكونات المجتمع وبين السلطات المختلفة بالأخص التنفيذية


التعديلات الأخيرة على قطاعات الدولة والتشكيل الجديد للحكومـة، كانـــت أبرز حدث يحصل في الشهرين الماضيين يضاف إليهم حسم نتيجة الانتخابات وتشكيـــلة الشـــورى ليكتمـــل المجلــس الوطني.
لكن هناك سؤالاً يطرح نفسه هنا بشأن بعض الوزارات التي تم إلغاؤها كمسمى وزارة، دون نسيان التساؤل بشأن دمج بعض الوزارات مع بعضها البعض.
لو تتبعنا عملية التغيير الدائم التي تحصل في قطاعات الدولة سنخلص إلى نتيجة مفادها بأن عامل الاستقرار في هيكل الدولة نسبته ضعيفة جداً، إذ هي ليست المرة الأولى التي تتحول فيها وزارات إلى هيئات، أو تلغى وزارة، أو تضم وزارة إلى أخرى، أو تتحول هيئة إلى وزارة، إلى غيرها من عمليات الدمـــج أو التفكــيك الحاصلة.
انعدام الاستقرار هذا له تأثيراته على عمل الدولة، وفي هذا الشأن لا نظن بأن هناك من يختلف على هذا، إذ النهوض والتطوير دائماً ما يكون سببه الاستقرار والثبات في سير العمل، والذي لا يكون أصلاً دون وجود استراتيجية واضحة.
قد نحاول كثيراً تفسير ما يحصل أو طرح فرضيات هنا وهناك، والسبب في هذه الاجتهادات يرجع إلى غياب التوضيح الرسمي بشأن مسوغ بعض التغييرات، إذ هنا لا نكشف سراً حينما نقول بأنه حتى اللحظة لا نعرف لماذا ألغيت –على سبيل المثال- وزارة حقوق الإنسان، وما هو مصير موظفيها، أيضاً ما هو وضع وزارة الثقافة التي اختفت في التشكيل كمسمى وزارة، في وقت نرى فيه أخبار هذا القطاع تنشر والمسؤول عنه دون الإشارة للمنصب، سواء أكان ذلك بوصف وزير أو هيئة أو غيرها.
هذا الغموض هو ما يشتت الناس، وهو ما يدفع كثيراً من التأويلات للظهور، وهو ما يجعل المطلع على أساسيات ومبادئ صناعة الاستراتيجيات الناجعة وصناعة التغيير يجزم بأن هناك ضبابية في عملية التخطيط.
نطرح التساؤل أعلاه في العنوان لسببين اثنين، أولهما حتى نلفت الانتباه لضرورة إطلاع المواطن على كافة التفاصيل المعنية بالمتغيرات في البلد بكل شفافية ووضوح، ولمنع التأويلات والشائعات وإثارة المجتمع، وثانياً حتى يعرف المعنيون في هذه القطاعات مصيرهم، إذ في مثال وزارة حقوق الإنسان مازلنا كمواطنين لا نعرف مصير العاملين فيها، بل لا نعرف مصير القطاع، كذلك لا نعرف سبب الإلغاء، وهل ستكون الوزارة الآن إدارة في وزارة الخارجية كما يتردد. أيضاً بالنسبة للثقافة، هل هي الآن هيئة؟! وهل يعني ذلك وجوب تعيين وزير معني بها وذلك لتوضيح آلية التعامل التشريعي معها من ناحية النواب، ولتفعيل أدوات توجيه الأسئلة والمساءلات.
حتى عملية دمج بعض الوزارات مهم توضيحها، إذ كانت لدينا وزارة منفصلة للأشغال وأخرى للبلديات والتخطيط العمراني، والآن دمجت الوزارتان معاً، ما يعني عبئاً إضافياً على المسؤول على الوزارة، خاصة وأننا حينما نتحدث في حال وزارة الأشغال ووزيرها المهندس عصام خلف، نقول بأمانة أنه رغم الملاحظات والانتقادات، إلا أن الوزير خلف أثبت بأنه من أكثر الوزراء في البحرين كفاءة من خلال عمله واجتهاده في قطاعه، والآن هو يمسك بمسؤولية وزارة أخرى لها مسؤوليات هامة أيضاً، فهل سيقلل ذلك من عطائه أو سيجعل كثرة العمل والمسؤوليات تصنع أخطاء وسلبيات أكثر، نظراً لحساسية القطاعين.
كل ما نكتبه هنا ننشد منه المصلحة العامة، فالوضوح والشفافية وإيراد الأسباب وراء أية قرارات أو تغييرات مسألة تساهم في صناعة الثقة بين مكونات المجتمع وبين السلطات المختلفة بالأخص التنفيذية المعنية كثير من قطاعاتها بشؤون خدمية تمس مباشرة المواطن.
التغييرات الكثيرة تعني عدم وجود استقرار، وفي حالنا نقول –وهو رأي شخصي- بأن المشكلة تكمن في تفصيل بعض المواقع بناء على أشخاص، لا تطويع الأشخاص ذوي الكفاءات والقدرات والتخصص للعمل في قطاعات تكون لها استمرارية وثبات لعقود نظراً لحاجة البلد لوجود مثل هذا القطاع.
نتمنى التوفيق لكل جهد مخلص هدفه مصلحة البحرين وأهلها، لكن الطلب يستمر بألا تقبلوا باستمرار وجود أسئلة مفتوحة بلا إجابات شافية، لا يجب أن تكون هناك حروف دون وضع نقاطها الناقصة عليها.