ينفذ عمل إرهابي، يسقط رجل أمن، تصدر التصريحات والبيانات الغاضبة والتي تتضمن الإدانة من الداخل والخارج، يستاء المجتمع ومؤسساته، ثم ماذا بعد؟!
هذه الدوامة التي ندور فيها كل مرة، يحصل الحدث فينتفض المجتمع وتدين حتى جهات خارجية الإرهاب الذي يضرب البحرين، لكن سرعان ما يعود الهدوء وننسى، وكأن شيئاً لم يكن، وهنا الخطأ.
المصيبة الأكبر أننا أصبحنا نعتاد على رؤية صف من الإطارات المشتعلة يغلق شارعاً حيوياً في البلد. الكارثة أننا بتنا نقرأ أخبار المواجهات مع رجال الأمن والاعتداء عليهم بقنابل المولوتوف وغيرها وكأنها أخبار عادية. نطالع كل ذلك ثم نمضي في حياتنا وكأن شيئاً لم يكن.
المواطن إن مضى في ممارسة حياته بعد رؤية هذه الأمور والإطلاع عليها فإنه قد يمنح العذر لأنه بكل صراحة «مل» من التشنج والغضب والاستياء المتولد لديه بعد كل فعل وحادثة. لكن الأجهزة المعنية بتطبيق القانون لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تسكت وتتعامل مع هذه المسائل وكأنها أمور عادية.
نحن هنا لا نتحدث عن إجراءات تعقب الفاعلين والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة فقط، بل نتحدث عمن يستخدم سلاح الفوضى والإرهاب ويكرر استعماله على فترات، حين يبقى بمنأى عن المسائلة والمثول أمام العدالة.
الإرهاب فعل يأتي نتيجة تمهيد أرضية له لينمو ويكبر ويتطور، وهذه الأرضية كما يعرفها الجميع هي متمثلة بالتحريض وتكريس الكراهية والحث على القيام بهذه الأمور.
يضطلع بأدوار التنفيذ على الأرض أفراد غالبيتهم من الشباب، لكن التحريض يأتي من آخرين كثير منهم لهم صفات واضحة ومسميات مكشوفة في الجمعيات السياسية، ومنهم خطباء منابر يمتلكون تصريحاً من الدولة للخطابة، لكن هؤلاء للأسف ومع توافر أدلة الإثباتات والتوثيق بشأن ما يصرحون به وما يحضون عليه لا تتم مساءلتهم ولا حتى استدعائهم، وهنا الخلل الأكبر.
نكرر هذا الكلام الذي كتبناه مراراً قبل أن تجف دماء آخر ضحايا الإرهاب من رجال الأمن، قبل أن تجف دماء الرجل المسن رحمه الله الذي ذهب في غمضة عين بسبب عمل إجرامي دبر لاستهداف رجال الأمن.
المشكلة أن الناس بدأت تحاول نسيان كل هذه الأحداث التي جرت عليها آلام وأوجاع، الناس تريد أن تعيش حياتها بسلام، فبات كثير منهم يتحاشى حتى قراءة هذه الأخبار ويصد عنها. بات جزء لا يستهان به يلوم الدولة أكثر من لومه للإرهابي والانقلابي والمحرض، إذ ترك المحرض ليفعل ما يريد ليس حلاً أبداً في محاولة السيطرة على الإرهاب وإنهاء ممارساته.
حينما تريد وقف سريان نهر، فإنك تبني سداً أمام منبعه مباشرة يمنع تدفق المياه، وهكذا تكون المعادلة، حينما تريد وقف الإرهاب عليك بمنبع هذا الإرهاب المتمثل بالمحرض والمحفز للأدوات المنفذة حتى تقوم بما تقوم به.
لسنا نرى رؤوس التحريض هم المضطلعين بأدوار التنفيذ، هم يقولون ما لديهم، يحرضون ويزيدون جرعة الكراهية لدى أتباعهم، يغسلون أدمغتهم بما يسمونه «الدفاع المقدس»، يدغدغون مشاعرهم بشعارات مثل «الحرية» و«الكرامة»، ثم يطلقون هؤلاء المحشدين ويتابعونهم من على بعد ليقوموا بالتنفيذ.
حينما يتم القبض على مجموعة شباب قاموا بعمل إرهابي، هل يعني هذا بأن السيطرة على الإرهاب تقدمت؟! هل يعني بأن وتيرة التخريب ستقل؟! أبداً، فمن حشد هؤلاء، سيقوم بتحشيد غيرهم، ومن عول عليهم، سيعول على غيرهم. بالتالي الفوضى لن تتوقف مادام أن مصنعيها مازالوا يمارسون التصنيع.
لديكم قوانين واضحة معنية بشأن الإرهاب والتحريض والتخريب والحض على كراهية النظام، لديكم قوانين الإرهاب والجمعيات والمسيرات وغيرها، فلماذا بنودها لا تطبق؟!
قبل أن تشارك الدولة مع تجمع الدول الكبرى والصديقة والشقيقة في محاربة الخطر الجديد «داعش»، هي مطالبة أولاً بأن تنهي الفوضى الداخلية التي يقوم بها الانقلابيون الموالون لمرشد إيران المتدربة عناصرهم في معسكرات حزب الله الإرهابي.
اضربوا الرأس، ستخمد حركة الذيل. جربوا وسترون.