عندما تنجز عملاً حقيقياً في صالحك أو في صالح أهلك أو في صالح الناس من حولك أو في صالح وطنك؛ هل شاهدت نفسك في هذه الحالة الاستثنائية في حياتك؟ هل شاهدت نفسك وأنت ممتلئاً بالطاقة والحيوية والنشاط؟ هل شاهدت وجهك والابتسامة تكاد أن تغطي كامل وجهك؟
هذه ما أطلق عليه فعل السعادة، ثمرة العطاء الإنساني الذي لا تحتاج إلى أي تقدير من الآخرين، بعد أن حصلت على الشعور بالرضا التام عن عملك وإنجازاتك.
أنت لا تحتاج إلى شيء؛ فأمطار السعادة دخلت إلى مسامات قلبك، السعادة هي مطلب كل إنسان على وجه الأرض، يقول ديفيد فسكوت، صاحب كتاب «فجر طاقتك الكامنة في الأوقات الصعبة»، وهو كتاب في التأملات ومترجم إلى اللغة العربية: «إننا جميعاً نتطلع إلى السعادة ونبحث عنها، لكن السعادة ليست هدفاً في ذاتها، إنها نتاج عملك لما تحب، وتواصلك مع الآخرين بصدق.
إن السعادة تكمن في أن تكون ذاتك، أن تصنع قراراتك بنفسك، أن تعمل ما تريد لأنك تريده، أن تعيش حياتك مستمتعاً بكل لحظة فيها، إنها تكمن في تحقيقك استقلاليتك عن الآخرين وسماحك للآخرين أن يستمتعوا بحرياتهم، أن تبحث عن الأفضل في نفسك وفي العالم من حولك.
إنه لمن السهل أن تسير في الاتجاه المضاد، أن تتشبث بفكرة أن الآخرين ينبغي أن يبدو غاية اهتمامهم بك، أن تلقي باللائمة على الآخرين وتتحكم فيهم عندما تسوء الأمور، ألا تكون مخلصاً وتنهمك -عبثاً- في العلاقات والأعمال بدلاً من الالتزام، أن تثير حنق الآخرين بدلاً من الاستجابة، أن تحيا على هامش حياة الآخرين لا في قلب أحداث حياتك الخاصة.
إنك في الواقع تعيش حياة غير سعيدة عندما لا تحيا حياتك على سجيتها، حيث ينتابك إحساس بأن حياتك لا غاية منها ولا معنى لها، وأن معناها الحقيقي يفقد مضمونه عندما تتفقده من قرب وبدقة.
إنه لمن المفترض -ضمناً- أن حياتك قد خلقت كي تكون لك.
إن حياتك قد وهبت لك كي تخلق لها معناها، وإن لم تسر حياتك على النحو الذي ترغبه فلا تلوم إلا نفسك، فلا أحد مدين لك بأي شيء، إنك الشخص الوحيد الذي يستطيع إحداث اختلاف في حياتك له من القوة ما يبقيه راسخاً، لأن الدعم الضئيل الذي قد تتلقاه من هنا أو هناك لا يعني شيئاً ما لم تكن ملتزماً بأن تقطع كامل الطريق بمفردك مهما واجهت من مصاعب». (انتهى كلام فيسكوت)
السعادة كما أراها دائماً وأنا أشتعل وأحفر في الفضاء الإيجابي، هي التعامل مع عملك بالمحبة، أن تكون مستمتعاً كل الاستمتاع فيما تعمل عليه، بالضبط كمتعة الطفل مع اللعبة التي يلعب بها، فهو لا يهتم لأصوات الآخرين، بل لا يسمعها، لأن الانهماك الكلي باللعبة ينسيه حتى وقت الأكل، وهذا ما يحدث للكثير منا، حينما نكون مشغولين أو منهمكين في عمل نحبه لا نشعر بالتعب، ولا نشعر بمرور الوقت، ولا نعرف شيئاً يدعى بالملل، فالانغماس الكلي يجعلنا ممتلئين، فهناك من يعشق عمله ونراه حتى في الإجازة يذهب لمتابعته، ولا يردد كما يردد من يكرهون عملهم «الله غداً الخميس» بمعنى الإجازة.
وأنا أتصور أن من يتمتع بعمله هو الأكثر إنجازاً والأكثر صحة، لأن المتعة في عملك تساهم في رفع النوم من جسدك، وبالتالي فإن الأمراض تخاف من الاقتراب منك، لأنك تستطيع مقاومتها دون الالتفات لها أو إعطائها أية أهمية.
اعشق عملك تبدع أفضل وتنجز أكثر وتعيش في حالة من الرضا الداخلي المدعو بالسعادة.. فقط اعمل ما تحب.