كان أهل البحرين أمس أمام حدث الازدحام الذي حدث لهم على خلفية إقامة سباق «الترايثلون»، وأعتقد أن من تعطل في الطرقات لساعات لا يلام في أنه انتقد تنظيم السباق، فالأخطاء واضحة تماماً في التنظيم والإدارة، ويجب أن نقدم النصح لمن أقام هذا السباق.
هناك من طرح موضوع الازدحام والأخطاء وسوء التنظيم بعقلانية، وهناك من أخذ يبالغ ويتشفى، من أجل ذلك ينبغي أن نقول ما فيه مصلحة البحرين دون مبالغة ودون تشفي، وإن حدثت أخطاء فعلينا توضيحها بهدوء وعقلانية ودون تشفٍ سواء في الدولة أو في شخصيات هامة.
في البداية فإني أحسب أن أهل البحرين يدعمون أي فعالية عالمية تقام على أرضهم خاصة الفعاليات التي تظهر الوجه الحقيقي للبحرين بعد أن قامت أجهزة إعلام غربية موجهة بنقل صورة ليست واقعية، وبعد أن قام بعض من يحملون جنسية البحرين بتشويه صورة البحرين.
مسألة النيل من شخص سمو الشيخ ناصر بن حمد بسبب أخطاء حدثت في تنظيم ليست في مكانها، ولا يجب أن تحدث، فقد جاءت لفتة جميلة من الشيخ ناصر حين اعتذر لمن تأخر في الطرقات، وهذا من كرم أخلاقه.
كما إننا نتمنى أن يقوم سمو الشيخ ناصر بمحاسبة من تسبب بسوء التنظيم من أجل ألا يتكرر موضوع إعاقة الناس عن أعمالهم أو سفرهم أو مستشفياتهم.
نسلط الضوء على الأخطاء ومن خلفها، هذا متاح (كما سأتطرق إلى هذه النقاط فيما سيأتي) ويجب أن نتحدث بشفافية ومكاشفة من أجل عدم تكرار ما حدث.
أعتقد أن ما حدث أمس من أخطاء في التنظيم يكشف أموراً كثيرة نعاني منها كدولة.. أولاً: إن اختيار مكان سير السباق كان خاطئاً تماماً، بالإمكان تنظيم السباق في مناطق أخرى بعيداً عن المرافق الحيوية، المطار، المستشفيات، منطقة الأعمال في المنامة.
كما إن أغلب البنوك والشركات تعمل يوم السبت، وكان يمكن اختيار موقعٍ آخر عن غلق الطرقات المؤدية لمنطقة الأعمال.
هناك حقيقة أصبحت مرئية لنا في البحرين، أصبحنا اليوم في آخر الصف الخليجي من ناحية التنظيم والقانون المروري، وهذا أيضاً انعكس على تنظيم السباق.
كيف يتم إغلاق «الهاي وي» الوحيد الذي يربط العامة بمناطق البحرين. هذا غير معقول وغير مقبول.
دولة ليس بها إلا «هاي وي» واحد، وليس له بديل، فكيف أغلقه أمام الناس، فلا توجد خيارات أخرى للناس، بمعنى لو أن هناك طريقاً آخر، لقلنا أغلقوا هذا الطريق واتركوا الدائري الآخر، لكن لا يوجد إلا طريق واحد يربط العاصمة ببقية المدن والقرى، وهذا يظهر أزمة البنية التحتية بالبحرين.
لا توجد خيارات للمواصلات بالبحرين، ليس لدينا «ترام» ولا «مترو» ولا «قطارات» أليس هذا يظهر أن هناك أزمة بنية تحتية في البلد؟
انظروا إلى دول الجوار كلهم أقاموا مشاريع للترام والمترو والقطارات لكننا مازلنا نقول للناس سنطور ونفعل كذا وكذا، ونضع صوراً تخيلية للمشاريع، بينما لا شيء يحدث على الأرض.
حين نغلق الشوارع على سبيل المثال عند مطار البحرين، فإن من البديهي أن توضع سيارات ومسارات تؤدي للمطار تنقل من لا يستطيعون الوصول للمطار كونه مرفقاً حيوياً، ففي الدول المتقدمة يضعون باصات لنقل الناس في حالة إغلاق الطرق.
إن من اقترح على سمو الشيخ ناصر بن حمد إقامة السباق في المناطق الحيوية لم يقل الحقيقة والنصح للشيخ ناصر، بالإمكان تنظيم سباق عالمي ناجح ويشارك أهل البحرين في إنجاحه، لكن حين يتم اختيار المنطقة الصحيحة لذلك، وحين يكون لدينا تنظيم صحيح يراعي مصالح الناس.
لماذا لم يقم السباق في منطقة الدرة وصولاً إلى بلاج الجزائر أو الحلبة، أليس هذا الخيار أفضل من أن نقطع الطرقات على الناس، ونعيق الوصول للمطار، أو المستشفيات أو المقابر؟
يهمنا كثيراً أن تنظم البحرين فعاليات عالمية، ويهمنا أن نكون وجهة للفعاليات الكبيرة، وكنت أتمنى أن نكون وجهة لإقامة بطولات كرة القدم مثلاً كونها اللعبة الشعبية الأولى، لكن ليس لدينا ملاعب صالحة لبطولات كبيرة، وكرة القدم لا تلقى الاهتمام المطلوب في البحرين لذلك دائماً يرجع منتخبنا مهزوماً وخائباً.
قرأت تغريدات الأخ زياد الخليفة نائب رئيس نادي الرفاع الذي تطرق لموضوع السباق بعقلانية، حيث ذكر أنه أخبر إدارة تنظيم السباق بأن خط سير السباق يجب تغييره، لأنه سيعيق حركة الناس، لكن قيل له إنهم يريدون مناظر للتصوير..!
في المحصلة، فإننا نقول إننا مع تنظيم الفعاليات العالمية، وليس ضدها ونتمنى أن تكون هذه الفعاليات في كرة القدم، ولكن يجب أن ندرس طرق التنظيم الصحيحة لهذه الفعالية ولا يجب أن تؤثر على حياة الناس، أو على المرافق الحيوية كالمطار، أو المستشفيات، أو منطقة الأعمال والمناطق السياحية التي يقصدها الناس.
ما نقوله عن الإرهاب الذي يعطل حياة الناس نقوله عن أي شيء آخر يحدث بذات النتيجة.
هذا السباق كشف لنا ضعف البنية التحتية للطرق، وخيارات الطرق، وعدم وجود بدائل، لدينا طريق واحد يربط العاصمة ببقية المناطق ودائماً حركة السير متعطلة على هذا الهاي وي، ليس لدينا بدائل للمواصلات، مترو، ترام، قطارات، هذا وجه آخر كشفه السباق.
** تنويه
ينشر اليوم في الملحق الرياضي بصحيفتنا «الوطن» مقال لكاتب السطور حول مشاركة المنتخب بكأس الخليج، فقد سرقت الانتخابات الأضواء من خيبات الكرة البحرينية، لذلك تأجل نشر المقال إلى اليوم.