قرار أوبك بالإبقاء على سقف إنتاجها عند 30 مليون برميل يومياً مع فائض عن هذا السقف يربو على 600 ألف برميل يومياً وهو ما يزيد من تخمة السوق، هذا القرار وإن صدر بالإجماع فهو أقرب إلى القرار التضامني منه إلى القرار الجماعي.
فالواقع يقول إن دول المنظمة منقسمة إلى فريقين الأول يهمه المحافظة على حصته في السوق أو حتى زيادتها إذا أمكن وبالتالي عدم فقدان زبائن أو حصة من احتياجات هؤلاء الزبائن، والفريق الثاني الذي لا يملك الإنتاج الفائض الذي يجعله ينافس على حصة أكبر في السوق، وبالتالي فهو يسعى أو يهمه أن ترتفع الأسعار أكثر من ارتفاع الإنتاج، لأن ارتفاع الأسعار يعني زيادة دخله من الدولارات النفطية، وعلى العكس يحدث بالنسبة له عندما يزيد الإنتاج ويفيض.
ومع وجود هذا التباين في المواقف بين أعضاء أوبك إلا أن اجتماع أوبك الخميس الماضي وبعد سبع ساعات من المناقشات المحتدمة بين الفريقين انتهى إلى الخروج بحل أو قرار توافقي يدعو إلى الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي، أي على حصة أعضاء المنظمة وغيرهم في السوق مع تعيين اثنين من المراقبين لمراقبة ومتابعة تداعيات هذا القرار على الأسعار من ناحية وعلى حصة المنظمة من الإنتاج في السوق.
وبعبارة أخرى فإن هذا القرار يعني أن المجتمعين في فيينا أثروا أن يتناسوا خلافاتهم التي ظهرت على السطح قبل الاجتماع وأن يخرجوا بقرار موحد ويوجدوا المراقبة لإرضاء الطرف الآخر الذي يرى تخفيض الإنتاج وليس الإبقاء على سقفه الحالي.
وهو يعني أيضاً انتصار الفريق الأقوى في أوبك وهو فريق المنتخبين الكبار «أغلبهم من الخليج» والذي دوماً ما يدعو إلى عدم تخفيض الإنتاج والمحافظة على حصته في السوق حتى لو أدى ذلك إلى انهيار الأسعار والتسبب بخسارة كبيرة للمنتخبين الصغار.
صحيح أن البديل للقرار التوافقي هو انهيار تماسك أوبك وبالتالي انهيار الأسعار وفقدان أوبك لحصتها من السوق، لكن الصحيح أيضاً أن هذا القرار سيؤدي إلى استمرار انهيار الأسعار وإلى تداعيات خطيرة لهذا الانهيار على اقتصادات الدول المعتمدة على النفط من داخل المنظمة وخارجها.