وهكذا أغلق بالكامل يوم أمس السبت ملف «14 فبراير 2011» .. أغلق دولياً حين تداعت الإشادات من جميع الدول –عدا الولايات المتحدة الأمريكية- التي أبهرها الشعب البحريني بحضوره وتجاوبه مع استحقاق الديمقراطية الانتخابي، لينهي خرافة وكذبة تمثيل مجموعة ادعت أنها تمثله. وهكذا بتلك النسبة وبذلك الحضور تجاوزت البحرين فصل الخيانة العظمى التي ارتكبتها مجموعة 14 فبراير في حق وطنها وفي حق بلد عروبي لم ولن ينحني لعمامة طوال تاريخه. وهكذا أغلق ملف آخر، هو ملف مجموعة الدعم والمساندة والولاء الخارجي ومن جرى خلفهم من ذيولهم ليبقوا في الصفوف الخلفية يعضون أصابع الندم والحسرة على ما اقترفته أيديهم في حق وطنهم وفي حق أهلهم وشعبهم، وما جنوا غير الفشل والإحباط، فدعهم يتكلمون وشعب البحرين يعمل. هكذا انتصرت البحرين وخرجت بأجمل صورة يتمناها أي وطني تعددي الأديان والمذاهب والإثنيات، صور ولا أروع نشرتها الصحف يوم الجمعة لحضور مختلط من الناخبين السنة في خيم بعض مرشحي الإعادة الشيعة والعكس، ولم تكن مثل هذه الصور لتظهر لو أن قوى التطرف هي التي قادت المشهد الانتخابي، لكنا شاهدنا أبشع صور الاستقطاب الطائفي. فكثير من الحضور السني كانوا أبناء الدوائر وليسوا أبناء الجمعيات السياسية الذين يبرزون هذه الورقة لأغراض تحالفية سياسية وحسابات لا علاقة لها بالتعايش الاجتماعي الطبيعي والتلقائي. حين غاب التطرف وغاب من قسم البحرين إلى معسكرين يزيدي وحسيني برز خط الاعتدال وظهر الخط الوطني الجامع ومنحت الأرضية المشتركة بين أبناء الشعب الواحد فرصة أن تكون قاسماً مشتركاً بين الأصوات السنية والشيعية في المناطق، هكذا حين غاب التطرف أعطيت الصورة الحقيقة للبحرين أن تبرز للسطح وتصقل ويظهر معدنها الأصلي، بلد لم تعرف الفتنة الطائفية وعاش فيها شعب البحرين متحاباً ومتسامحاً إلى ما قبل 30 عاماً حين دخلت علينا هذه المجموعة. بل إنه في غياب التطرف أعطيت المرأة فرصة وأعطيت الأقليات الإثنية فرصة، وفي غياب التطرف غابت الولاءات للعمامة وبرز الولاء للأرض وبرز وجه متحضر سمح معتدل متعايش مع الآخرين بسلام على هذه الأرض أباً عن جد، حين تجاور وتناسب وتشارك اللقمة شيعتها مع سنتها. في غياب التطرف ظهر وجه التكنوقراط الحقيقي من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة من مستشارين قانونيين ومهندسين وإعلاميين وسيدات أعمال، هي وجوه لها جذورها التاريخية والاجتماعية المتشابكة مع كل الأطياف، وليست وجوهاً لدمى ولائية حتى النخاع تقدس العمامة وتضعها فوق مرتبة البشر، تجملت بمساحيق «الجل» و البدلات وربطات العنق الأمريكية الصنع. فهؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، أما وجه البحريني الحقيقي فهو ذلك الذي ذابت فيه الفروقات يوم أمس والذي لم يعرف ولم يسمع عن معسكرين للبحرينيين إلا من هذه المجموعة. خير وصلاح أن حدث ما حدث، فلولاه ما عرفنا ما تبطن هذه المجموعة وتضمر.. وخير وصلاح أن قاطعت تلك المجموعة الانتخابات حتى تعود الأمور لطبيعتها الاعتدالية ونتمكن من إعادة ترتيب صفوفنا وحياتنا بتركيزنا على ما ينفع الناس ويبقى. اليوم طوت البحرين صفحة وفتحت صفحة. وفي الصفحة الجديدة تتجه البحرين لمستقبلها وغدها ورؤيتها التي لا يجب أن تضيع دقيقة واحدة منها على من تخلف عن الاستحقاق الوطني، أمامنا الكثير كمجتمع وكسلطات وكدولة فلنركز عليه.