من قمة المصالحة الخليجية التي عقدت في الرياض وأدت إلى إنهاء الخلاف الذي استمر أكثر من ثمانية شهور بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، إلى القمة الخليجية العادية التي ستعقد بالدوحة في الشهر القادم، بين هاتين القمتين لفت نظري تصريحان..
الأول لوزير الخارجية القطري خالد العطية الذي قال فيه: «إن الخلافات بين دول مجلس التعاون الأربع قد أصبحت من الماضي» والتصريح الثاني جاء على لسان السفير السعودي في قطر عبدالله العيفان أدلى به بعد عودته إلى الدوحة وجاء فيه: «ما حدث في قمة المصالحة الخليجية بالرياض إنجاز يدعم العمل الخليجي المشترك»، مؤكداً أنه «سيتم خلال الفترة المقبلة تعزيز العلاقات السعودية – القطرية في الجانب الاقتصادي ومن خلال مجلس الأعمال في البلدين لدعم الاستثمارات المشتركة».
ما يفهم من التصريحين المذكورين أن دول مجلس التعاون قد طوت صفحة الخلافات السياسية بينها، وأنها فتحت على الفور صفحة أخرى بديلة هي صفحة التعاون الاقتصادي والعمل الاقتصادي المشترك، وأن السعودية وقطر ستعملان على الفور على تفعيل العلاقات الاقتصادية المشتركة بينهما من خلال مجلس الأعمال في البلدين الذي سيركز في اجتماعه المرتقب على دعم الاستثمارات المشتركة بينهما.
هذا التوجه من قبل دول مجلس التعاون هو بمثابة التحول في العلاقات القائمة بين دوله من علاقات قائمة على السياسة التي تؤثر فيها سلباً وإيجاباً حب الأهواء والمصالح السياسية الثنائية والإقليمية، إلى علاقات قائمة على الاقتصاد والمصالح الاقتصادية المدعومة من القطاع الخاص ومن المواطنة الاقتصادية الخليجية التي تصب في صالح مواطني وشعوب دول المجلس.
ومن هنا فإن ما أعلن عنه السفير السعودي في قطر لا يجب أن يقتصر على البلدين وإنما يمتد ليشمل دول المجلس جميعها، بل ويعتمد من قبل القادة في قمة الدوحة القادمة كنهج جديد وبديل للعلاقات القائمة على السياسة وعلى الأمن منذ إنشاء مجلس التعاون في عام 1981، وهي العلاقات التي أفرزت الكثير من الخلافات المعطلة لمسيرة المجلس، وأدت إلى تجميد القرارات التي اتخذتها عدد من القمم على مدى السنوات الماضية.
لقد نجحت الاتحادات التي شملت عدداً كبيراً من الدول مثل الاتحاد الأوروبي والاسيان وغيرهما لأنها استندت على الاقتصاد كقاعدة لتحقيق المصالح المشتركة وعلى الشعوب لحماية وتحصين هذه المصالح، وهذا ما ينتظر من قمة الدوحة أن تفعله.