مهما قلنا عن فزعة أهل البحرين يوم السبت الماضي من أجل أن يقرروا من سيصل للبرلمان، ومن أجل دحر كل الدعوات الخبيثة والمريضة للمقاطعة، حتى يتم استغلال موضوع «حجم المشاركة في الانتخابات لأن الجمعية الطائفية قاطعت» خارجياً، أو أنهم كانوا يظنون أن حجم مقاطعتهم ستجعل الانتخابات تفشل ويتم ترويج ذلك دولياً، لكنهم عادوا بفضل من الله أولاً وبفضل فزعة أهل البحرين خائبين وبخفي حنين..!
بعد موقف أهل البحرين الجميل والرائع والمشرف في ذلك اليوم، مازلت أشدد على أن سياسات الدولة وخططها يجب أن تراجع، ويجب أن تذهب الميزانيات والخطط وتوجه إلى مستحقيها الحقيقيين.
لا يستوي من يقف هو وأسرته وأبناؤه «ليثبتوا» عمود الخيمة مع من يحفر تحت العمود ليتهاوى ويسقط، الاثنان لا يستويان يا دولة.
لا تستوي الأرض الخصبة والخضراء بالأرض البور الجدباء، فما نشاهده أمامنا أن الدولة في كثير من الأحيان تحرث في الأرض الخطأ، فتذهب للأرض الجدباء لتحرث وتخصص الملايين، والنتيجة إما لا يخرج زرع وإما أن يخرج زرع مضر يشبه أشجار جهنم..!
مشاريع التنمية الحضرية، أو تنمية المدن والقرى هي مشاريع طيبة ورائدة، ونتمنى أن تؤتي ثمارها، لكن هل تقام في أماكنها الصحيحة؟ هل ضيعنا البوصلة وأخذنا نخصص الملايين ونضعها في غير مكانها؟ أين التنمية الحقيقية في أم المدن؟.
ألا تحتاج المحرق إلى مشروع كبير يحافظ لها هويتها وتراثها من جهة، ويستقطب أهلها الذين تركوها من جهة أخرى، بعد أن نجعل المحرق بفرجانها الأصيلة مكاناً صالحاً لسكن المواطن؟
المنامة القديمة أيضاً تحتاج إلى مشروع كبير، فريج الفاضل والفرجان العريقة الكبيرة تحتاج إلى مشاريع مماثلة لمشروع المحرق.
مدينة عيسى التي أنشئت في ستينيات القرن الماضي؛ ألا تحتاج إلى مشروع إنقاذ البيوت وبنيتها التحتية التي أصبحت غير قابلة للسكن، خاصة لمن لا يستطيعون إعادة بناء بيوتهم؟ ألا تحتاج مدينة عيسى إلى مشروع؟ ألا تحتاج الرفاع الغربي والرفاع الشرقي إلى إعادة تخطيط وبناء؟ الرفاع الشرقي والغربي بهما من المصائب ما يجعلك تتساءل؛ هل هذان هما الرفاعان؟
هل بحثت الدولة عن إرضاء من لا يرضى، وعينه كلها نقص، ونسينا مناطق أخرى؟
مشروع امتدادات القرى كان خلفه أناس تعرفونهم ونعرفهم، ونعرف أهدافهم، لكن هل عرفت الدولة لماذا تم هذا المشروع ومن أجل ماذا؟ حتى إن تم توقيف المشروع (بعد خراب مالطة) ألا توجه المشاريع لمكانها الصحيح ولمن يستحقونها؟
أهالي جو وعسكر والدور يشكرون الأمير خليفة بن سلمان -حفظه الله- لتوجيهه إقامة مشاريع تحتاجها تلك المناطق البعيدة من الخدمات، فقد مر وقت طويل دون أن نلتفت إلى أهلنا في مناطق البحرين الأصيلة، وذهبنا بالميزانيات إلى مناطق أخرى، ربما بسبب وزراء بعينهم فعلوا ما فعلوا ليوجهوا المشاريع إلى مناطق بعينها، لكن هل هناك مناطق نسيتها الدولة، أو انشغلت عنها كدولة؟
الحد والبسيتين وقلالي ومناطق أخرى ربما لا تحضرني؛ ألا ينبغي أن نحصر احتياجاتها من الخدمات والتنمية حتى لا تترك دون تنمية وخدمات؟
الحورة والقضيبية أيضاً تحتاج إلى تنمية حضرية، كلها تحتاج إلى ذلك، ويجب أن تكون المشاريع بها شاملة للجميع، فمشاريع الدولة للجميع، هذا الذي نعرفه ويأمر به قادة البلاد.
كذلك العدلية وأم الحصم تحتاج إلى تنمية حضرية وإعادة تخطيط وبناء، حتى لا نفقد أهاليها، ومن ثم يخرجون منها كما خرج أهالي المحرق القديمة..!!
أعود لأذكر بمناطق تحتاج إلى تنمية حضرية كبيرة، فالرفاعان تحتاجان إلى نظرة من الدولة، فعلى سبيل المثال، يحتاج شارع الرفاع ذو المسارين والذي نشاهده مزدحماً حتى ساعات متأخرة من الليل -وقد تطرقت إلى ذلك ذات مرة- يحتاج إلى تطوير ليصبح 3 مسارات في الاتجاهين، وإلى غلق بعض الفتحات والإشارات الضوئية لتسهيل حركة المرور، ولا أعلم أين وصل مشروع تطوير هذا الشارع وهو بعهدة وزارة الأشغال؟
كما إن من صمم دوار الساعة وددت لو أعطيته جائزة أفضل تصميم لدوار يسبب الحوادث المرورية!
أعود لأقول إن الحالة الديمقراطية التي عشناها أفرزت أموراً كثيرة، وكنت لا أتمنى أن تحدث أمور كثيرة بين أفراد المنطقة الواحدة، وأحياناً بين الجيران بسبب هذه الانتخابات، لكن هذا حدث في بعض الدوائر، وهو أمر مقيت ومرفوض ديناً وأخلاقاً وعرفاً.
فلا خير في ديمقراطية تجعل الجيران أعداءً بسبب انتخابات لن تقدم ولن تؤخر جزءاً من هذه الحالة، يحدث الآن في إحدى المناطق وحولها، وهذا ما لا نتمناه لأهل البحرين، فإن كان التنافس شريفاً وإن كانت القلوب نظيفة لن يحدث هذا التوتر المقيت.
أعتقد أن جزءاً من هذه الحالة يتحملها المترشحون في تلك المنطقة.
شخصياً أقدم التهنئة لمن فاز بالانتخابات، وأتمنى التوفيق للجميع في الإعادة، لكن المحك الحقيقي ليس الفوز في حد ذاته، المحك الحقيقي داخل قاعة البرلمان، هنا التمحيص وهنا تظهر المواقف..!
** إلى اللجنة العليا للانتخابات
أولاً نشكركم على جهودكم الكبيرة ونقدر عملكم الممتاز الذي تواصل إلى ساعات متأخرة، وهذا يظهر أن أبناء البحرين وبناتها على قدر كبير من الكفاءة والمسؤولية الوطنية ولله الحمد.
من خلال تجربة يوم السبت الماضي اتضح أن البحرين تحتاج إلى مراكز تصويت عامة أكثر من العدد الموجود حالياً، فأغلب الناس تتوجه إلى المراكز العامة؛ إما بعيداً عن الزحام أو بسبب إرهاب البعض في مناطق بعينها.
من أجل ذلك كنت أتمنى أن تقام مراكز عامة أكثر من الحالية، وأن يتم توزيعها على مناطق البحرين بشكل أفضل.
النقطة الأخرى وهي ما عانى منه البعض بسبب تسجيل الأسماء في الدوائر، والذين تمت إعادتهم بعد أن وقفوا في طوابير طويلة، وقيل لهم اذهبوا إلى المركز الإشرافي، ومن ثم وقفوا هناك أيضاً في طوابير طويلة، لماذا لا توزع المراكز الإشرافية بحسب المحافظات؟
أليس ذلك أفضل وأسهل للناس؟
وهناك ملاحظة أخرى تتعلق بلجنة الانتخابات بمطار البحرين، تمنيت لو تم تخصيص أحد مواقف سيارات مطار البحرين البعيدة بعض الشيء عن المطار لإقامة خيمة انتخابية عوضاً عن صالة مطار البحرين الصغيرة أصلاً.
فالمطار كما ترون يحتاج إلى ترميم، كما إن الزحام الشديد يؤثر على خدمات المطار والخدمات المقدمة للمسافرين، إلى جانب أن هناك محاذير أمنية لدخول أعداد كبيرة إلى مطار البحرين بجانب المسافرين.
هذه الملاحظات أضعها أمام اللجنة العليا للانتخابات، ونتمنى النظر بها ومعالجتها إن أمكن ليوم السبت القادم أو في الانتخابات المقبلة.