الخطوة السادسة التي نحتاجها لإصلاح سوق العمل تتمثل في تضافر جهود وزارات وجهات حكومية مثل الأشغال والإسكان والكهرباء والماء من جهة وغرفة التجارة والصناعة وشركات القطاع الخاص العاملة في قطاعات المقاولات والحفر والنقل والشحن بأن تقوم هذه الشركات بتطوير نفسها من حيث استخدام المعدات والآلات والتكنولوجيا الحديثة بصفة عامة في عملها، وأن تواكب باستمرار التطورات في مجالات عملها.
الهدف من ذلك هو تقليل أعداد العمالة غير الماهرة التي تعمل في هذه الشركات والتي تستحوذ العمالة الأجنبية على جميع عمالتها تقريباً لأسباب تتعلق بقساوة الأعمال التي تؤديها هذه العمالة وأوقات وأماكن العمل والمخاطر التي يتعرض لها العاملون، وكل ذلك مقابل أجور ضعيفة لا تتناسب مع طبيعة وحجم العمل المطلوب.
ولهذه المواصفات والأسباب يعزف البحرينيون عن الانخراط في هذه الوظائف، وتزايد الشركات ومعهم المقاولون الصغار أيضاً في الضغط على هيئة سوق العمل من أجل منحهم الموافقة على استقدام الآلاف من العمالة الأجنبية وذلك بحجة عدم توفر العمالة البحرينية أو بالأحرى عزوفها عن هذه الأعمال.
قبل حوالي 15 سنة كتبت سلسلة مقالات عن البحرنة في قطاع المقاولات وشروط العمل وتدنى الأجور، في ذلك الوقت تلقيت اتصالاً هاتفياً من المرحوم المقاول المعروف عبدالله أحمد ناس ركز في مداخلته على أهمية استخدام المعدات الحديثة بدلاً من العمالة اليدوية الكثيرة العدد، وضرب لي مثلاً قائلاً تصوركم عامل نحتاج لحفر قناة أسلاك كهرباء أو هاتف تمتد من دوار ألبا إلى رأس البر، وأجاب نحتاج إلى واحد فقط، بعد أن كنا نحتاج إلى مئات في الماضي، عامل مدرب واحد يعمل على آله حفر وطمر في الوقت نفسه يقوم بهذا العمل وينجزه في فترة أقل من العمالة اليدوية، بل أن راتب هذا العامل المدرب يصل «وقتها» إلى 500 دينار.
ما قاله المرحوم عبدالله ناس يصب في جانب البحرنة وتقليل أعداد العمالة الأجنبية في مجالات البناء والحفر وغيرها، كما يصب في مجال تطوير مستوى الأعمال في هذا القطاع، وفي إصلاح سوق العمل كذلك، لكنه يحتاج إلى استثمارات مالية واستعداد للتطور.