لم يشأ علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد علي خامنئي، أن يكون دبلوماسياً عندما التقى وفد علماء الزيدية، إذ تمنّى أن يلعب الحوثيون في اليمن «الدور الذي لعبه حزب الله في لبنان»، وقال إن «حزب الله يحارب إلى جانب الجيش اللبناني ضد من يستهدف لبنان». أكثر من ذلك، اعتبر أن «المبادرة الخليجية لم تكن مناسبة لليمن، وقد رفضها الحوثيون»، إلى أن أطلق شعاراً جديداً لا بد أنه فاجأ «حزب الله»: «طريق تحرير فلسطين يمر عبر اليمن»، وهو ما يمثّل ذروة الاعتزاز والتكريم للميليشيا الحوثية من جانب المرجعية الإيرانية، مع التذكير بـ «الموقع الاستراتيجي المهم» لليمن، للإشارة إلى أن طهران تعتزم استثمار هذا الموقع.
يبقى أهم ما في رصيد «حزب الله» أنه حارب إسرائيل حتى تحرير الجنوب، أما في رصيده الآخر فلا بدّ أنه يحسد اليوم الحوثيين بعد سيطرتهم على الدولة، ولعل «الحزب» ندم لأنه لم يقدم على خطوة مماثلة في 2006 عندما كان هناك رئيس لبناني طوع بنانه مشابه بل أفضل تواطؤ من الرئيس اليمني مع الحوثيين. لكن فرصة «حزب الله» لاتزال متوافرة، ولعل النموذج الحوثي يغريه، طالما أنه «يحارب إلى جانب الجيش اللبناني»، كما أفاد ولايتي، ولم يتبرع أي مصدر لبناني بأي توضيح، فهل المقصود هو الجنوب حيث لا حرب، أم غزوة بيروت، أم صيدا سابقاً، ثم عرسال أخيراً، فطرابلس الآن؟
لا شك في أن الحوثيين تعلموا الكثير من «حزب الله»، وهناك وسائل وأساليب متشابهة في منظومة عمل الميليشياتين اللبنانية واليمنية لاختراق المؤسسات ونخرها، وحتى في الخطابة شكلاً (عبد الملك الحوثي لا يتكلم إلا وإبهامه مشهر في الوجوه) ومضموناً (الشحن المذهبي)، إضافة إلى الحلفاء (علي عبدالله صالح وميشال عون). لكن المشترك الأهم بينهما هو إطاعة وصية مرجعيتهما بالعمل أولاً على إضعاف الدولة ومن ثمَّ الاستيلاء عليها ولا مشروع لديهم سوى ربطها بإيران. أما المشترك الآخر، الاستطرادي، فهو أنهم يضعون البلد في شبه عزلة ويعطلون عمل الحكومة حتى إذا شاركوا فيها، وبالتالي يعدمون التنمية.
بعد ناقوس الخطر الذي أطلقه الوزيران نهاد المشنوق وأشرف ريفي، في انتقادهما تخريب «حزب الله» الجهود الأمنية، و«عدم مساهمته» في إنجاحها، كما يُفترَض في أي «شريك» حكومي، بل الأخطر «إثارة وكر الدبابير» و«الاكتفاء بجني ثمار» الخطة الأمنية، يُطرح طبعاً التساؤل: هل فقدت الحكومة الحالية ثقة المكوّن الرئيس (14 آذار) الذي كان سبب وجودها؟ وبعد الأدوار المشبوهة في عرسال وطرابلس، والتعنّت اللاوطني في إحباط انتخاب رئيس للجمهورية، والعبث بالمؤسسات (المجلس النيابي، الجيش...)، والتلاعب بملف العسكريين المأسورين، هل يمكن الحكومة أن تستمر بعدما أكمل «حزب الله» وحلفاؤه أسرها في خيارهم «الحوثي»؟

عن «النهار» اللبنانية