قبل حوالي عامين، راود نبضي حلم تحت قبة المجلس الأعلى للمرأة، كان ذلك في جلسة حوارية تديرها د. دلال الزايد ود. زهير ضيف، قبيل الاحتفال بـ «المرأة والإعلام». أذكر يومها أني طرحت فكرة ناد إعلامي يمارس فيه الإعلاميون أنشطتهم الثقافية والترفيهية على اختلافها، وفي تعليق أذكره حرفياً قلت «لم لا يصبح لدينا بيئة إبداعية مثل (جوجل)؟!»، ولكن في بلادنا العربية، بل ربما في بلادي، ثمة من يشن حرباً شعواء على الإبداع ويحجر على التفكير، لذلك واجهت الفكرة وهي في مخاضها سيلاً من التعليقات الساخرة.
لعلي رفعت سقف الحلم قليلاً، ولكن أوليس ثمة حد أدنى يمكن تحقيقه من ذلك؟ أو يصعب توفير مكتبة ثقافية ورقية وأخرى رقمية؟ أو يستحال التأسيس لأرشيف إعلامي، مكتبة إعلامية إلكترونية، عربية وعالمية يعمل على رفدها مركزاً للرصد الإعلامي، بحيث يجد الإعلامي ضالته من المعلومات على اختلافها بين أروقة هذا النادي.
ترى.. أولا يمكن لهذا النادي أن ينشأ على أن تتوفر فيه صالة للعروض السينمائية تخصص لعرض الأفلام الوثائقية الهامة، أو التسجيلات التي لا بد أن يطلع عليها الإعلاميون بما يخدم عملهم؟ تدعى إليها رسمياً بين الفينة والأخرى أفواج من الإعلاميين، فضلاً عن تلك العروض المستمرة وفق جداول زمنية محددة يبلغ بها الإعلاميون على بريدهم الإلكتروني أولاً بأول، بآلية أو بأخرى. باعتقادي سيسهم ذلك بالارتقاء بثقافة الإعلامي البحريني من جهة وبتوفير أجواء ترفيهية تتلاءم مع طبيعة عمله الإبداعية ومسؤوليته تجاهها من جهة أخرى. إننا إذ نؤكد أن واحدة من وظائف الإعلام الهامة هي التثقيف، وإذ نقر في أنفسنا أن الإعلام مقصر نسبياً في هذا الجانب، فإن أول ما يجب الوقوف عنده هو ثقافة الإعلامي الذي نعول عليه.
أتساءل؛ أولاً يمكن تنظيم محاضرات ومؤتمرات وبرامج تدريبية دورية للإعلاميين للارتقاء بهم يستقطب لتنفيذها كفاءات إعلامية متنوعة؟ جدير أن نؤكد على أهمية الجهود التي بذلتها جمعية الصحافيين البحرينية وبعض النجاحات التي حققتها في دورتها السابقة، ولكن جمعية مهنية لا تحظى بالدعم الكافي لا يمكنها أن تقدم المزيد، ولا يمكنها أن تقف فعلياً عند معايير الجودة واحتياجات السوق الإعلامية ما لم تقم بدراسات جادة، هي الأخرى بحاجة لدعم وتمويل غير متوفرين.
لعله ليس هذا نادياً ثقافياً وحسب، وإنما يتطلب أن يكون للترفيه منه نصيب، فليكن تلك الواحة الغناء التي نسمع عنها ولا نراها، أولا يمكن التفكير بضم نادٍ صحي إلى جانب الإعلامي لممارسة الرياضة مثلاً؟ أولا يمكن أن يكون فيه عدد من المقاهي المحترمة «كوفي شوب» لعقد لقاءات ثقافية خاصة بالإعلاميين؟ أولا يمكن تجهيز «النادي الحلم» ببضعة مطاعم متنوعة تلبي الذائقة البحرينية من مطابخ عالمية مختلفة؟
أولا يمكن رفع ذلك السقف المهترئ في بلادنا قليلاً لنضيف تجهيزاً فندقياً يخصص لاستضافة الإعلاميين من خارج المملكة، في مهماتهم الرسمية أو في استضافات المملكة، بمبالغ رمزية أو أقل كلفة من سعر الفنادق مثلاً؟! تموله بعض ملحقاته من مطاعم وما شاكلها.
يبدو أن الحلم لم يعد يرتضِ إلا السماء سقفاً له، فإذا به يتحول على حين غفلة إلى فندق إعلامي متكامل، وحلم كهذا لربما يحتاج لـ (كن) إلهية، ليكون في البحرين، بل ليكون مدينة إعلامية ثانية خليجياً، بطريقتنا الخاصة. ولكن التعويل كل التعويل على صانع قرار.. يفند الفكرة ويقف عند مكاسبها ليس مادياً وحسب، بل كيف يمكن للبحرين أن تكون وجهة للإعلاميين العرب؟ وربما أكثر من ذلك.