بشكل عام ودون الدخول في التفاصيل فقد كشف تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الحادي عشر أن هناك علاقة وثيقة بين الملاحظات التي أوردها التقرير والتغيير أو التعديل الوزاري الذي حدث مؤخراً وأدى إلى إلغاء وزارات ودمج أخرى وتغيير وزراء، وأن من يقرأ ملاحظات التقرير سيجد أنها تركزت على تلك الوزارات التي طالها التقرير بملاحظاته.
فالتقرير الذي نشر أمس الأول كان جاهزاً -حسب تصريح سابق لرئيس الديوان- منذ شهر أغسطس 2014، وأن تقديمه رسمياً وإعلانه في هذه الأيام جاء بعد تشكيل السلطة التشريعية، مما يعني أن كبار المسؤولين في الدولة كانوا على اطلاع بما جاء في التقرير من ملاحظات منذ شهر أغسطس، وأنهم علموا أيضاً بالوزارات والجهات الأكثر انتقاداً من التقرير والأكثر ارتكاباً للمخالفات وحجم تلك المخالفات وكم عدد الملاحظات والتجاوزات التي تكررت من تقارير سابقة، والملاحظات التي لم تنفذ والتجاوزات التي ترتقي إلى مستوى الفساد.
وبناء على هذه المعرفة المسبقة بما جاء في تقرير الرقابة تم اتخاذ القرارات المتعلقة بالتغيير الوزاري الأخير، ومن يتمعن في ملاحظات تقرير الديوان ويعود بذاكرته قليلاً إلى من شمل التعديل الوزاري من أشخاص ووزارات سيلاحظ أن هناك علاقة وثيقة بين الاثنين، وأن إلغاء وزارات بالطريقة التي رأيناها لم يحدث اعتباطاً وكذلك الحال بالنسبة لإبعاد وزراء ودمج وزارات.
غير أن هذا الاستنتاج الإيجابي للتغيير الوزاري الأخير والمرتبط بتقرير ديوان الرقابة العاشر والحادي عشر لم يكتمل ولم يشمل كل الوزارات التي فصل الديوان تجاوزاتها سواء التي تتعلق بتبديد المال العام أو بضعف إنجاز المشروعات التنموية أو بتدني الإنتاجية وتوفير فرص عمل للمواطنين.
مما يدل على أن التغيير الوزاري أخذ ببعض ما جاء في تقرير الديوان وغض النظر عن البعض الآخر، وأن هذه النظرة المزدوجة والمتباينة هي التي أبقت على وزراء ومسؤولين في هيئات وجهات حكومية رغم تجاوزاتهم المتكررة وانتقادات تقرير الرقابة وتبديدهم للمال العام.