انتهت مساء أمس الجولة الأولى من انتخابات 2014، وكانت نسبة المشاركة لافتة لتعطينا، وتعطي الآخرين مجموعة من الدروس والعبر، ولكي يعرف كلاً حجمه، ويعرف أيضاً مكانته، ويعرف حجم الأوهام التي يبيعها، وموقف الناس من هذه الأوهام.
قاطع، ثم شارك، ثم قاطع، هذا هو الموقف الذي اختزلته بعض الجماعات السياسية لنفسها، والمضحك أن المواقف الثلاثة تمت وفق مبررات دينية صرفة، فالدين في المرة الأولى قال بوجوب المقاطعة، وفي المرة الثانية الدين أيضاً أوجب ضرورة المشاركة، وبعدها في المرة الثالثة الدين أوجب ضرورة المقاطعة!
من غير المعروف موقف الدين من التلاعب بالدين بالنسبة لهم، ولكن استغلاله هو المبدأ الأساس لدى البعض.
دروس المشاركة أمس كشفت لنا أن شعب البحرين وإرادته الشعبية لا يمكن أن تتلاعب بها دعوات من جمعيات سياسية، أو رجال دين، أو حكومات خارجية، أو حتى أجندات مصطنعة يتم تضليل المواطنين بها وفق مظلوميات متباينة.
بالنسبة لي شخصياً أهم ما في انتخابات أمس درس واحد قد يكون الأهم عن غيره من الدروس، وهو أن مشاركة المواطنين في الانتخابات كشفت الفرق والتباين الشاسع بين مفهوم الحقيقة والواقع.
شريحة واسعة من البحرينيين تم خداعها، وأيضاً قبلت بخداع نفسها من أجل مطالب مصطنعة، وسعت بعض الجماعات الراديكالية إلى تكوين صورة نمطية بأن شعب البحرين يرغب في تحقيق هذا وذاك. هذه الخدعة انطلت على شريحة من الجماهير، وصارت معروفة لدى الإعلام الغربي الذي صار يسوقها مجاناً بين الحكومات الأجنبية لممارسة الضغوط على البحرين الدولة والحكومة.
هذا المشهد مجرد واقع، والواقع دائماً ما يكون مصطنعاً ومفتعلاً، ويهدف إلى تحقيق مكاسب ومصالح معينة. ولكن الحقيقة تبقى حقيقة دائماً، لأنها تعكس المعطيات الفعلية لإحدى الظواهر أو أوضاعاً معينة.
لذا، فإن ما شاهدناه أمس من قبل لم يتوقف على مدى 12 ساعة متواصلة هو الحقيقة وليس الواقع الذي تعتقد الوفاق وغيرها من الجماعات الراديكالية أنها تمكنت من صناعته وخداع الجماهير به.
الحقيقة أن شعب البحرين لا يرغب في أجندة الوفاق، ولا ينتمي كله إلى الجماعات الراديكالية، وليس جميعه مرتبطاً بإيران والحكومات الأجنبية. وهذه الحقيقة التي انكشفت أمس وعلينا الاهتمام بها مادامت هي الحقيقة وليست الواقع.
لا أعتقد أن هناك محاولات أخرى يمكن العودة إليها من قبل الوفاق والجماعات الراديكالية الأخرى التي من مصلحتها استمرار الوضع القائم بالواقع الذي صنعته، فخياراتها باتت محدودة أكثر من أي وقت مضى، والمكابرة غباء سياسي.