وزارة الصناعة والتجارة ردت بانتقائية على المقالات التي كتبتها تحت عنوان (من يحمي المستهلك)، وحرصت كعادتها أن يكون ردها باسم (إدارة حماية المستهلك)، وكأن هذه الإدارة لديها سلطة اتخاذ القرار أو حتى فاعلية التدخل في السوق لصالح المستهلك في ظل تجميد تطبيق قانون حماية المستهلك منذ عامين بانتظار صدور لائحته التنفيذية!
المقالات الخمسة التي كتبتها تركزت حول نقطة أساسية وهي أن الدولة في الماضي- وليست إدارة حماية المستهلك- كانت تحمي المستهلك من خلال مراقبة الأسعار وتحديدها، أما اليوم فهي لا تهتم بمراقبة الأسعار وتحديدها، وإنما بتوفر السلع الغذائية في السوق أثناء المناسبات، وهذا ما يتمثل في جولات الوزير على الأسواق.
ومما جاء في رد الوزارة- الإدارة -على هذه النقطة الرئيسية: «ثانياً بالنسبة للأسعار التي أشار الكاتب أن إدارة حماية المستهلك لا علاقة لها بها كما كان عليه الوضع في السابق، فإننا نفيد الكاتب بأن السياسات الاقتصادية والاتفاقيات الدولية تغيرت وتطورت منذ ذلك الحين.
كما إن القوانين الخاصة بحماية المستهلك طالها التحديث كغيرها من القوانين وأكدت إدارة حماية المستهلك مراراً وتكراراً أن البحرين تتبع سياسة السوق الحرة والتي ترتكز على آليات معينة تعزز مبدأ المنافسة الحرة مع الأخذ في الاعتبار كسر الاحتكار ومنع الغش التجاري ومنع التواطؤ. فهذه السياسة كفيلة بجعل حركة الاسعار طبيعية تحركها عوامل عديدة منها مبدأ العرض والطلب والسعر في بلد المنشأ وأسعار الشحن والتأمين بالإضافة إلى المواد الأولية الداخلة في عملية الإنتاج والمصاريف التشغيلية الأخرى علاوة على أسعار مشتقات النفط التي تدخل ضمن صناعة مواد التعبئة والتغليف لأغلب السلع الغذائية».
رد الوزارة هذا جاء ليفسر الماء بالماء، فأنا قلت إن إدارة حماية المستهلك بالوزارة لا علاقة لها بالأسعار، والرد كرر ذلك مع التأكيد على أن المتغيرات التي حدثت وسياسة حرية السوق التي تتبعها الوزارة والحكومة الآن لا تجعلها تتدخل في الأسعار كما كان الحال في السابق.
والواقع ليست هناك سياسة حرية سوق بالمعنى المطلق الذي تتعذر وتتحجج به الوزارة، فالدول المتقدمة والغنية المنتجة للسلع الغذائية تتحكم في الأسعار من خلال دعم المزارعين والمنتجين وأسعار منتجاتهم، ولولا هذا التدخل لتقلص الإنتاج وحدثت أزمات حادة على المستويين الداخلي والخارجي.
والسوق الحرة كذلك لا تنفع ولا تحمي المستهلك في دولة مثل البحرين تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع بنسبة 99%، فأسعار كل السلع والمواد والمعدات وكل شيء يتحكم فيها وفي زيادتها المنتج الخارجي- كما ذكرت الوزارة في ردها- وإننا إذا أخذنا بالسوق الحرة وتركنا الحبل على الغارب بالنسبة للمستوردين من التجار فإننا نستورد التضخم من السلع، ونعمل على زيادة الهوة بين الأسعار والأجور، وكما فعلت الدولة عندما أوجدت علاوة الغلاء ودعمت ثلاث سلع غذائية وسلعاً أخرى فعليها أن توسع هذا الدعم أو تزيد الأجور لتحمي المستهلك من زيادة الأسعار.