التنافس في تصوري دائماً هو لعبة اجتماعية من أجل المرح وليس من أجل الفخر أو من أجل أن أكون أفضل من الآخرين، لأنه لا بد وأن يكون هناك شخص ما، في الأرض التي عليها تحيا، أفضل من زميلك في لعبة الحياة أو في التنافس، بل وأفضل منك، كما أن التي تتصور نفسها أجمل امرأة في العالم لا تعرف ثمة امرأة أجمل منها تعيش في احد الأكواخ النائية فوق الكوكب الأرضي، كل عالم هناك عالم آخر أكثر منه فطنة ونباهة وعلم.
التنافس كما قلت لعبة، لكن هناك من يحولها إلى قضية حياتية أو قضية وجود، إما أنا أو هو، إما أن أتغلب على غيري أو أنهيه من الوجود، وهذا يعني أنني من الممكن أن أقوم بأي شيء من أجل الانتصار على من ينافسني، من الممكن أن أقوم بإزاحته عن دربي حتى بالقتل، وهذا ما نراه يحدث في القصص الشعبية أوالواقعية التي نراها ونعيشها ونسمعها مما يحدث حولنا، متناسياً هذا الشخص أن الموضوع الأساس هو لعبة جماعية اجتماعية نضحك فيها ونبتسم.
قبل فترة بسيطة قرأت في الإنترنيت قصة واقعية جداً، وحدثت في أيامنا هذه، تحاول أن تخبرنا عن نمط من أنماط المنافسة في حياتنا الراهنة.
تقول القصة؛ إنه في عام 1974 كان مهاتير محمد ضيف شرف في حفل الأنشطة الختامية لمدارس «كوبانج باسو» في ماليزيا، قام مهاتير في ذلك الحفل بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسين وليست للطلاب، وهي توزيع بالونات على كل مدرس، ثم طلب بأن يأخذ كل مدرس بالونة وينفخها ومن ثم يربطها في رجله.
فعلا‌ قام كل مدرس بنفخ وربط البالونة في رجله.
جمع مهاتير جميع المدرسين في ساحة مستديرة ومحدودة وقال: «لدي مجموعة من الجوائز، وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط، وبعد دقيقة سيأخذ كل مدرس ما زال محتفظاً ببالونته جائزة»، بدأ الوقت وهجم الجميع على بعضهم البعض، كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر حتى انتهى الوقت.
وقف مهاتير بينهم مستغرباً وقال: «لم أطلب من أحد تفجير بالونة الآخر، ولو أن كل شخص وقف بدون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر لنال الجميع الجوائز، ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع، كل منا يفكر بالنجاح على حساب الآخرين، مع أن النجاح متاح للجميع، لكن للأ‌سف البعض يتجه نحو تدمير الآخر وهدمه لكي يحقق النجاح، هذه وللأسف حقيقة موجودة في حياتنا الواقعية».
ويقول ناقل القصة الشاهد: «إياك والحسد فنجاحك لا‌ يستوجب عليك أن تسعى لفشل غيرك، دائماً أحسن نيتك، يحسن الله حالك».
لهذا أقول دائماً لنفسي أولاً، وللآخرين الذين معي، إن المنافسة الحقيقية والصحيحة والمفيدة للمجتمع ليس بينك وبين الآخرين، إنما هي بينك وبين نفسك، لأنها تساعدك دائماً على النهوض بنفسك، وتعطيك القوة لأن تقدم أفضل ما تملك للمجتمع الذي تنتمي إليه وللإنسان فوق كوكبنا الأرضي.
ازرع في ذاتك أن التنافس لعبة، وفي اللعبة يخرج الجميع فائزين.