لا خلاف على أن الميزانية العامة القادمة يجب أن تركز على مسارين إستراتيجيين الأول هو تقليص المصروفات والثاني هو إيجاد إيرادات جديدة وفائضة عن ما فقدته الميزانية من الإيرادات النفطية ومغطية قدر الإمكان للعجز المتوقع في الميزانية القادمة.
في المسار الأول فإننا بحاجة إلى إعادة تقييم الوزارات حتى بعد حداثة التشكيل الوزاري، فكل الدول في العالم تعيد النظر بعد التجربة في وجود وزارات معينة إما بالإلغاء أو الدمج أو الاستحداث، ويكون ذلك في أي وقت ودون الالتزام بانقضاء الأربع سنوات، وعلى سبيل المثال لو تم إلغاء وزارة حقوق الإنسان في الشهور الأولى من استحداثها لوفرت الدولة حوالي 4 ملايين دينار منها 2 مليون دينار إيجار مبناها في المرفأ المالي الذي لم يستغل كما أفاد تقرير ديوان الرقابة المالية.
وبالنسبة للوزارات أيضاً فإننا بحاجة إلى إلغاء وزارات لا لزوم لها مثل وزارة المواصلات التي يفترض أنها مسؤولة عن نظام نقل عام فاشل منذ بداية تسييره في سبعينيات القرن الماضي والذي تديره شركة لا تحتاج إلى إشراف وزارة، كما أنها - وزارة المواصلات - مسؤولة عن المطار الذي هو الآخر يدار من قبل شركة لها مقر في بناية مستأجرة خارج المطار، وبالتالي فإن وجود هذه البناية والجهاز الوظيفي داخل وخارج المطار ووزارة المواصلات كلها إهدار للمال العام يحتاج إلى تقليص بعودة شركة المطار إلى مبناه، وإلغاء وزارة المواصلات وتوفير مصروفاتها.
والوزارة الأخرى التي لا لزوم لها هي وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني والزراعة والثروة البحرية، وهي كلها ملحقات تم تجميعها لتبرير وجود وزارة شؤون البلديات، فقانون البلديات لعام 2001 أعطى هذه الوزارة المصطنعة وظيفة مراسل بين المجالس البلدية ومجلس الوزراء إذا دعت الحاجة، وطوال السنوات الماضية كان وزيرها يغرف ما يشاء من الصندوق المشترك للبلديات دون أن يرجع لمجلس الوزراء، وبناء عليه فالأفضل إلغاء هذه الوزارة وإحالة المراسل على التقاعد وتكوين لجنة تنسيقية بين المجالس البلدية تتصل مباشرة بوزارة شؤون المتابعة وقت الحاجة وتنسق معها فيما يتعلق بربط تنفيذ مشروعاتها مع خطة او برنامج الحكومة كما ينص قانون البلديات.
أما الملحقات الأخرى التابعة لهذه الوزارة فلها حديث آخر يوم الأحد القادم.