غصت وسائل الإعلام وغرف الأخبار والمجتمع الدولي بحادثة الهجوم المسلح والمفبرك بوضوح في وسط العاصمة الفرنسية باريس، والذي طال مدير التحرير ورسام الكاريكاتير وبعض محرري جريدة «تشارلي إيبدو» الفرنسية على خلفية الإساءة للنبي محمد (ص)، مما دفع بفرنسا إلى إثارة وتوظيف ذلك الحدث دعائياً؛ فنكست الأعلام حداداً في عموم البلاد، ودعت إلى مسيرة مليونية تأبيناً للضحايا، وهرول بعض القادة والساسة من كل أنحاء العالم صوب باريس تضامناً، والغريب أن من بين الحضور من هو أشد إرهاباً ممن اقترف تلك الجريمة أمثال المجرم نتنياهو.
إن ما حدث ويحدث في فرنسا من إساءة لشخص النبي الكريم محمد (ص) وبشكل ممنهج في بلد لا يدين أساساً بالإسلام، بل هو أشد دولة تناصب العداء للدين الإسلامي والمسلمين وتتقدم الجميع في حمل راية التبشير في بلاد المسلمين، ليس بأمر مستغرب أو جديد، لكن الذي يجب التوقف عنده طويلاً هو التطاول على النبي الكريم وزوجاته وصحبه الكرام جهاراً نهاراً في بعض بلادنا ممن يعيشون بين ظهرانينا، دون أن يعترضهم أو ينكر عليهم حاكم أو مفتٍ أو رجل دين.
كذلك قتل وتشريد الملايين من العرب والمسلمين وامتهان كرامتهم تحت راية الديمقراطية الغربية الزائفة وبعض دعاة الدين، ولم تتحرك الضمائر المتحجرة وتنظم يوماً مسيرة مليونية يقودها حاكم عربي مسلم ويدعو لها نظراءه ويعلم بها الأمم المتحدة ومجلس الأمن -أعور العين- استنكاراً وتعاطفاً مع ما تبقى من أثر شعوب اجتثت عن بكرة أبيها، بل حتى خجلاً ووفاء لذلك الرسول الأمين، لكننا للأسف نرى بعضهم قطع كل برامجه وانطلق هرولة لعاصمة هي شريك في الإرهاب وقتل الشعوب منذ عقود وسنين.
الحرب على الإسلام ليست بحديثة، بل هي ممتدة على مر القرون مداً وجزراً، وبالرغم من كل محاولات المعسكر المناهض للإسلام بنقل أرض المعركة وجعلها في عقر دار المسلمين وبشتى السيناريوهات والحجج الواهية، وبعد سقوط الخلافة العثمانية بدءاً بترويج وتزويق وتنصيب الأحزاب العلمانية التي سعت بدورها المشبوه بسلخ العروبة كقومية عن الدين، ثم أعقبها زرع الصهيونية في قلب الأمة الإسلامية وسلب المسجد الأقصى وفلسطين، ثم عرجت بالتحول إلى تبني فكر الغلاة المتشددين وتهيئة حاضنة مريحة لهم وبثتهم في ربوع بلادنا بعد برمجة وتلقين.
واستمر المخطط بافتعال أحداث 11 سبتمبر التي أسقط وفضح خبرائهم نظريتها القاصرة بعد حين، لكن بعد أن آتت أكلها بابتلاع المستودعات الأهم لمصدري الطاقة «النفط والغاز» في قلب الأمة الإسلامية في أفغانستان والعراق، ثم إشعال الأرض بعد انسحابهم بحروب داخلية طائفية لن تنتهي قبل أن يتم إفراغهما من كل الخزين.

.. وللحديث بقية