كأننا موعودون كل رمضان بحالة من الإرهاب التي تضرب المجتمع بتخطيط مسبق، أو أن سكوت الدولة عن الإرهاب جعل منه أحد طقوس رمضان، وهذا يدل على أننا كدولة مازلنا على حالنا من محاولة الانقلاب، لا شيء تغير، ننتظر الإرهاب يضرب من ثم نقوم بردة فعل في الغالب لا توازي الفعل والجريمة.
كلما حدثت جريمة إرهابية يخرج علينا مجموعة كتاب موتورون مؤزمون وبعض الوزراء السابقين الذين دأبوا على تبرير الإرهاب وإيجاد المسوغات له، بل أنهم ذهبوا أبعد من ذلك، فأخذوا يقولون إن الإرهاب من تدبير أطراف في الدولة حتى يتعطل الحوار أو تعطل الصفقات..!
ولا أعرف من هو الطرف الذي يُتهم، وهل هناك طرف في الدولة سيمارس قتل رجال الأمن حتى تعطل صفقات أو الحوار؟
كل هذا إنما هو تغطية على الإرهاب، وتغطية على الجريمة وتحويل الأنظار عن الجهات الإرهابية والمحرضين من فوق المنابر، وهذا أيضاً يتطلب وقفة قانونية فمن يبرر الإرهاب ويُوجد المسوغات له، إنما هو شريك في الفعل والجريمة.
أصبحنا مثل الأسرة التي تجلس في بيت من غير أبواب، من ثم يدخل عليها المجرمون فتذهب الأسرة إلى غرف داخلية، وتقوم بدفع المجرمين للخروج من المنزل -من بعد أن يفعلوا ما يريدون- وما أن خرج المجرمون حتى تقول الأسرة الحمد لله ذهبوا عنا، بينما المجرمون يجلسون وراء مخرج البيت، وسيعودون إن أرادوا.
أعتقد أن هذا أفضل تشبيه لحالة الإرهاب عندنا، ننتظر الإرهاب يضرب، ومن ثم نتحدث قليلاً، ثم نقول الحمد لله مر علينا شهر من الهدوء، بينما كل الخلايا الإرهابية موجودة وتستفيق متى شاءت، وهذا لا ينهي الإرهاب أبداً.
وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها حرق الإطارات على الشوارع العامة وتعطيل الناس أمراً عادياً، أو أن الدولة لا تراه إرهاباً يستحق المكافحة، وأخشى أن نصل لمرحلة نرى فيها أشياء كبيرة كما التي حدثت مؤخراً أيضاً أمراً عادياً.
كل المطلوب اليوم هو أن يتم إخضاع الدولة قبل الاستحقاق الانتخابي، هذا الإخضاع تستخدمه الوفاق وأتباعها الصغار والخطيب الموتور من أجل الضغط على الدولة لتحقيق مطالبهم الطائفية حتى يستحوذوا على أكبر نصيب من مقاعد البرلمان، ومن ثم يتم إعطاء البرلمان صلاحيات كاملة (كلمة حق يراد بها باطل) حتى تصبح خيوط اللعبة كلها في يد الانقلابيين.
هذه الصورة باختصار شديد، من هنا فإن الهدف من بعد فشل الانقلاب هو إخضاع الدولة من خلال السلطة التشريعية، وبالتالي إن حدث هذا فإن الصورة التي ستخرج للعالم أن الدولة البحرينية ضد الديمقراطية إذا لم تستجب للسلطة التشريعية، وأن الدولة البحرينية تناقض نفسها فهي تقول إنها دولة ديمقراطية لكنها تقف ضد البرلمان.
الصلاحيات الكاملة للبرلمان هي كلمة حق يراد بها باطل، فلن تطالب الوفاق وأقزامها بذلك إلا من بعد تعديل الدوائر على المقاس الطائفي الوفاقي، فتصبح الغالبية بالمجلس من اللون الواحد المسير من الخطيب الموتور، وبالتالي فإن الدولة بنفسها استنسخت حالة تعطيل الحياة السياسية كما هو حاصل اليوم في لبنان.
من هنا أيضاً يأتي استخدام الإرهاب كأداة للجمعيات الانقلابية من أجل أن تحصل على ما سلف، فالإرهاب والجمعيات الانقلابية صنوان، لا يوجد فرق بينهما أبداً، من يقول غير ذلك يخادع نفسه.
كلما أرادت هذه الجمعيات الحصول على أمر ما حركوا المجاميع وحركوا الإرهابيين من أجل إحداث تفجيرات ومن أجل الهجوم على رجال الأمن من أجل قتلهم، كل ذلك من أجل أهداف سياسية طائفية استحواذيه.
ومع عميق الأسف هناك من يخضع، وهناك من يقول لنقدم كذا وكذا من أجل مشاركة الوفاق، وفي كل الأحوال فإن الإرهاب لن ينتهي، حتى وإن شاركوا، الخلايا موجودة وتنمو وتكبر وتتمدد، بل أن أغلب الأماكن التي تحدث فيها تفجيرات كبيرة هي ذاتها التي يقتل فيها رجال الأمن، وهذا يعني الفشل في تفكيك الخلايا الإرهابية والوصول إلى المدبرين والممولين والمخططين في تلك المناطق.
أصبح هاجسنا كدولة أن نطبع للغرب وأمريكا صكاً، فبدل أن نحول الإرهابيين للمحاكم، نقوم بتحويل من يحمي البلد، وهذه لعبة خطيرة ومكلفة على مستقبل البحرين، وفي المحصلة لن ترضى عنا أمريكا، ولا أوروبا أبداً، ولا المنظمات المسيرة من أمريكا.
حالنا اليوم يشبه حالنا بعد كل عمل إرهابي كبير، أصوات وتصريحات، وتهديد ووعيد، وتلويح بالقوانين، وبعد يومين أو أكثر يتم نسيان كل شيء ونعود كما كنا قبل الحادث، ننتظر إرهاباً جديداً لتدور العجلة.. هذا حالنا مع عميق الأسف، الاستراتيجية مفقودة.
تركنا الإرهاب يعبث بالبلد، وتركنا الجمعيات الانقلابية تستخدم الإرهاب لتلوي ذراع الدولة والمجتمع معاً، حتى تحصل على ما تريد، فمتى نكسر يد الإرهاب، ويد الجمعيات الخائنة..!