وأنا أقرأ تقرير الحادث المؤسف في فرنسا وتفاصيله التي ربما لم يطلع عليها الجميع ولم يسلط عليها الرأي العام العالمي الضوء، وأنا أقرأ هذا التقرير الذي سآتي على تفاصيله تذكرت الشاب الشهيد بإذن الله عثمان بالعراق الذي غرق في نهر دجلة بعد إنقاذه عدداً من الشيعة الذين سقطوا في النهر، وقد دفع حياته ثمناً لذلك.
تذكرت هذه الواقعة، وأنا أقرأ قصة الشاب المسلم الأفريقي، من جمهورية مالي، حين قام بإنقاذ حياة 15 رهينة في المتجر اليهودي في باريس من الهجوم المؤسف. الشاب المسلم «باثيلي» لم يتجاوز 24 عاماً، وهو عامل بسيط في المتجر اليهودي بباريس، حيث شهد عملية إرهابية من المدعو «اميدي كوليبالي» وقتل فيها المحتجزين بالمتجر من زبائن وعاملين في عمل لا يقبله الدين الإسلامي الصحيح ولا يقبله العقل ولا تقبله الإنسانية.
الحادث كان انتقاماً من مجموعة من الرسامين الذين نشروا رسومات مسيئة للرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي اعتقادي أن هذا الانتقام لا داعي له، وأن رب العباد ينتصر إلى رسوله، ولو بعد حين.
قصة هذا الشاب كانت محل إعجاب حول العالم، فقد كان هذا العامل المسلم «باثيلي» بالمتجر وقت اقتحامه، وحين عرف أن المقتحم يريد قتل الزبائن، قام بإنزال عدد منهم إلى أسفل المبنى ووضعهم في مكان لا يخطر على بال أحد، ففي المتجر مخزن مبرد كبير (ثلاجة) وقام الشاب بفصل الكهرباء عن المخزن وأدخل الزبائن داخله وقال لهم: «اصمتوا ولا تفعلوا شيئاً حتى أعود إليكم».
هذا الفعل من هذا الشاب المسلم أنقذ فيه حياة 15 من الزبائن بينهم رضيع لم يتجاوز الشهر من عمره، هذا الفعل كان محل إعجاب كبير من وسائل الاعلام الفرنسية للدور البطولي لهذا الشاب المسلم، والذي عبر فيه عن الإسلام الحقيقي، وإن الإسلام دين أخلاق ومعاملة قبل كل شيء.
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اتصل شخصياً بالشاب «باثيلي» وقدم له الشكر والتحية على عمله البطولي الكبير، وتناقلت بعض وسائل الإعلام الفرنسية هذا الخبر، حتى أصبح الشاب المسلم «باثيلي» بطلاً بسبب فعلته وهو العامل البسيط في المتجر، وقد خاطر بحياته من أجل إنقاذ الزبائن.
هذه الحادثة لم تعط الزخم الكبير المطلوب من الإعلام العالمي، ولا حتى العربي والإسلامي، بينما ما قام به الشاب المسلم كان يجب أن يسلط الضوء عليه لإنقاذه حياة 15 شخصا كانوا بالمركز اليهودي بباريس.
الإسلام الحقيقي كان فيما قام به الشاب العراقي عثمان والشاب من مالي «باثيلي»، إذا أردنا أن نتحدث عن القيم الاسلامية وعن الأخلاق الإسلامية وعن خلق أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم، فإن أخلاق الإسلام وأخلاق سيدنا محمد تتجلى في فعل الشابين.
أعلى الناس مكانة في الجنة ليس فقط أكثرهم عبادة، ولكن أحسنهم خلقاً، وقد قدم رب العباد الخلق الطيب الحسن على العبادة، فلا خير في عبادة لا تقوم الأخلاق والسلوك.
دخلت امرأة «عابدة» النار في حرة حبستها، لم تتركها تأكل من خشاش الأرض ولم تطعمها.
ودخلت مومس من بني إسرائيل الجنة في كلب، سقته بيدها حين شاهدته يلهث من شدة الحر والعطش، ولا يستطيع أن يشرب من البئر.
الإسلام ليس عبادة فقط، الإسلام طيب أخلاق، وحسن معشر، الإسلام ليس كما يصوره الغرب حين يضخم أعمالاً إرهابية (لا نعرف من خلفها، ولا نعرف من الذي سوق لها، كما حدث في 11 سبتمبر، وأصبح ذريعة لمحاربة المسلمين ومسوغ لشن حروب عليهم)، بينما هناك صور جميلة ورائعة لمسلمين في كل أنحاء العالم كما فعل الشاب «باثيلي» وأنقذ حياة 15 فرداً كادوا يصبحون ضحايا، لكن الإعلام الغربي لا يسلط الضوء على فعل هذا الشاب، ويضخم الأعمال الأخرى التي لا تمت لقيم الإسلام بصلة.
إذا كان الغرب لا يرى إلا إرهاباً معيناً فعليه أن يشاهد الصورة كاملة، فما يحدث بالبحرين من إرهاب منظم تقف خلفه جمعية طائفية، وتقف خلفه إيران، ويقف خلفه حزب الشيطان، فإن هذا الإرهاب لن يقف عند حدود البحرين أو العراق أو لبنان.
على الغرب أن يشاهد الإرهاب الشيعي الذي تقف خلفه وتدعمه وتموله، وتدرب أفراده. هذا الإرهاب لا يراه الغرب أبداً، أو لا يريد أن يراه، فما حصل في فرنسا إرهاب، وما يحصل بالبحرين من قتل لرجال الأمن واستهداف للمجتمع بأكمله هو أيضاً إرهاب.
إذا كان قتل رسامين جريمة وإرهاب، فماذا يسمى قتل 14 رجل أمن في البحرين؟ ألا ترى فرنسا هذا إرهاباً؟
قرابة 3 آلاف مصاب من رجال الأمن جراء الأعمال الارهابية، أليس هؤلاء بشراً؟ أليست لهم حقوق؛ أم الانسانية لا تنطبق على رجال الأمن في البحرين؟
على فرنسا (وقد كانت لها مواقف طيبة سابقاً، لكن بيانهم الأخير كان مؤسفاً) ألا تقف خلف أشخاص يدعمون الإرهاب بالبحرين، أكان أمين الوفاق أو غيره، يجب على فرنسا أن تكون صاحبة مبدأ، ولا تساند ولا تدعم من يقف خلف الإرهاب بالبحرين، هذه رسالتنا للسفارة الفرنسية، وإلا فإنها تدين الإرهاب على أرضها وتدعمه في دول أخرى، وهذه مفارقة لا يجب أن تقع فيها دولة عظمى كفرنسا.
فزعة أهل البحرين لدعم اللاجئين
كل الشكر والثناء والتقدير إلى جلالة الملك حمد بن عيسى -حفظه الله ورعاه- على مبادرة 1000 مسكن لإخوتنا السوريين اللاجئين في الأردن، فقد أسعدت مبادرة الملك أهل البحرين، وهذا ليس بغريب على جلالته، فقد أمر في السابق بمشاريع مماثلة وكبيرة، وقد رأيتها رأي العين حين زرنا مشاريع البحرين بمخيم الزعتري، جعلها الله في ميزان حسناته، وفي ميزان حسنات سمو الشيخ ناصر بن حمد، وجعلها الله في ميزان حسنات أهل البحرين الذين قدموا أموالهم دعماً للأشقاء السوريين.
نشهد اليوم ولله الحمد فزعة من أهل البحرين ومن الميسورين، وحتى المواطن البسيط فزع لتقديم ما تجود به أنفسهم من أجل تقديم العون لإخوتنا اللاجئين بعد موجه الصقيع التي ضربت المنطقة، سواء داخل سوريا أو في الأردن أو في لبنان أو في تركيا، وهذا عمل طيب يشكر عليه أهل البحرين، ونتمنى أن تزيد الفزعة أكثر، لعل بهذا العمل المخلص يحفظ الله البحرين من المكائد والمؤامرات.
الشكر موصول للمؤسسة الخيرية الملكية، ولحملة الجسد الواحد التي يبذل القائمين عليها جهود جبارة وكبيرة، ولديهم مصداقية طيبة في إيصال المساعدات إلى أهلها، ولمشروع الإخوة في جمعية الإصلاح، ولمشروع الإخوة في الجمعية الاسلامية، وإلى كل من بادر من الجمعيات والأفراد.
هذا عمل إنساني عظيم وكبير، أدعو أهل البحرين الكرماء إلى المبادرة وتقديم ما تجود به أنفسهم من أموال وملابس وأطعمة، ولله الحمد لدينا أناس ثقات توصل المساعدات إلى مستحقيها.