وزارات الإسكان المتعاقبة والوزراء الذين تولوا مسؤولية هذه الوزارات كان عليهم أن يبادروا بوضع الخطة الاستراتيجية أو تحديثها منذ اللحظة التي تناط فيها هذه المسؤولية، وأن البدء بوضع الخطة وتحديد الزمن اللازم لإنجازها وتوفير متطلبات نجاحها وتنفيذها بسلاسة كلها من مسؤولية الحكومة التي تعتبر خطة الإسكان جزءاً من برنامجها الذي تقدمه للسلطة التشريعية لمناقشته وإقراره.
ولو افترضنا أن الحكومة قد أخفقت خلال 35 عاماً من عمرها في وضع خطة الإسكان الاستراتيجية، أو أنها عجزت عن الإتيان بوزير إسكان وطاقم وزاري يتمتع بالكفاءة والخبرة والمقدرة على التخطيط ومتابعة تنفيذ وتقييم الخطط الإسكانية، فإن المسؤولية هنا تقع على عاتق السلطة التشريعية ابتداء بمجلس شورى الثمانينيات والتسعينيات ووصولاً للمجلس الوطني الحالي بغرفتيه.
والواقع أن مجلس النواب ناقش منذ العام 2002 الكثير من الموضوعات والقضايا المتعلقة بالإسكان وتوقف أمام أداء وزارة الإسكان الضعيف نسبة إلى ضخامة المهمات الملقاة على عاتقها، وتطرق إلى المخصصات المالية للإسكان أثناء مناقشته للميزانية العامة للدولة، وهدد أكثر من مرة باستجواب وزراء الإسكان لأسباب ترتبط بأداء الوزير وفشله في الموازنة بين تراكم الطلبات الإسكانية وتلبية احتياجات المواطنين، لكن مناقشات وأطروحات مجلس النواب في دوراته المختلفة لم يطلب فيها من الحكومة تقديم خطة استراتيجية للإسكان تهدف إلى وضع حل شامل ونهائي للمشكلة الإسكانية.
وعوضاً عن التركيز على الحل الشامل للإسكان، الحل الذي يغطي مناطق البحرين كلها بدون استثناء وينظر إلى شعب البحرين نظرة واحدة متساوية لا تميز بينه إلا الأقدمية في تقديم الطلب، الحل الذي يقوم على استيعاب هذا الشعب بمكوناته في أكثر من مدينة سكانية تنهي التفرقة والانقسام وتؤدي إلى التعايش والانصهار، عوضاً على التركيز على هذا الحل ركز النواب أسئلتهم على الحلول والمطالبات الجزئية والمناطقية التي ترضي الناخب في دوائر انتخابية محدودة على حساب الخطة الاستراتيجية العامة.