دون أدنى شك، فإننا نعيش اليوم أسوأ أيامنا في الانضباط المروري، علينا أن نعترف أننا أصبحنا متخلفين كثيراً عن الركب، وعن دول كنا بالنسبة إليهم مضرب مثل في الانضباط المروري وفي الالتزام الأخلاقي في الشارع وفي الذوق العام. غير أن كل ذلك أصبح ذكرى، وقد ساهمت أمور كثيرة في الفوضى المرورية، وأهمها أمران اثنان لا مجاملة فيهما؛ الأول أحداث العام 2011 التي أصابت كل القوانين والانضباط والأخلاق في مقتل، ومنها الانضباط المروري. الثاني حصول أعداد من الناس على الجنسية البحرينية، فأصبحت الأخلاق البحرينية الأصيلة مثل السراب الذي لا تستطيع الوصول إليه، حتى ظهرت النتائج في التهور والتجاوزات المرورية.
الذي يجب أن تعرفه إدارة المرور اليوم هو أن التعويل على أخلاق السائقين قد انتهى، اليوم يجب أن يحكم الناس القانون، فالقانون يجعل من ليس لديه أخلاق يلتزم ويخشى العقاب، فتصبح لديه أخلاق طارئة على الأقل في الشارع.
مع تطبيق قانون المرور الجديد انقسم الناس إلى قسمين؛ الأول يقول إننا مع التشديد في قوانين المرور من بعد كل هذه الفوضى المرورية، والأرواح التي تزهق بسبب التهور والسرعة وتخطي الإشارات الضوئية. القسم الثاني من الناس يشعر أن قانون المرور هو ابتزاز لجيوب الناس، وأنهم أصبحوا اليوم عرضة للإفلاس من أول الشهر بسبب مخالفات المرور. بل أن الناس أخذت تلوح بأن هذه العقوبات جاءت على هيئة ضرائب جديدة ولكن تحت ذريعة قانون المرور، وذريعة أن مجلس النواب وهو (مجلس الشعب) هو الذي أقره وصوت عليه.
جميع الناس اليوم تريد أن يعود الانضباط المروري إلى شوارعنا، وتريد أن يعود الأمن المروري أيضاً لشوارع البحرين، هذا مطلب شعبي، لكن هل هذا المطلب بالإمكان تحقيقه بالقانون فقط والغرامات؟
هل تملك إدارة المرور بأجهزتها وأطقمها الحالية وعدتها وعتادها الحالي أن تطبق قانون المرور؟ إذا كان الحديث عن الكاميرات في الطرقات التي سترصد كل المخالفات كما يروج؛ ألا ينبغي أن تقول إدارة المرور للناس أن مخالفاتكم سترصدها الكاميرات، على الأقل من باب تقليل الحوادث قبل أن يفاجأ الناس بالمخالفات وقت تسجيل السيارة؟
مدير المرور السابق الشيخ دعيج بن خليفة قال أمس تعليقاً على القانون الجديد: «إن القانون يمنح رجل المرور سلطة سحب رخصة القيادة لمدة شهر». (انتهى كلامه).
قد يكون هذا الإجراء فضفاضاً بعض الشيء، بل أن بعض رجال المرور قد يستخدم هذه السلطة تعسفياً، كما أن إدارة المرور وخلال فترة الأحداث وضح أن بها اختراقات كثيرة، وإن كان كذلك فقد يستخدم رجل المرور هذه الصلاحيات على خلفية أبعاد أخرى غير الأبعاد القانونية، وقد شهدنا الكثير من الإخوة والأخوات يقولون إن منحهم المخالفات كانت تتم على خلفية الأسماء، وإن صحت هذه المعلومة فهي كارثة، كما أن أموراً كثيرة يجب أن تصحح في هذا الجانب وهذه مسؤولية مدير المرور.
بالأمس نشرت وزارة الأشغال أن موضوع اقتراح وضع (تايمر) على الإشارة يظهر المدة الزمنية المتبقية لانتهاء فترة الضوء الأخضر أو الأحمر «غير مجدٍ»، لأن وزارة الأشغال وضعت (مجسات ضوئية) على الإشارات الضوئية يتغير بموجبها توقيت الإشارة الخضراء بناء على حجم الحركة المرورية..!
يا وزارة الأشغال، العلم تطور، بمعنى أن هذه المجسات التي يتغير معها توقيت الإشارة الضوئية يمكن أيضاً ربطها بـ «التايمر»، بحيث يتغير مع تغير توقيت الإشارة في ذات اللحظة.. هل هذا صعب؟ بإمكان طالب في جامعة البحرين أن يقدمه لكم، الأمر ليس صعباً ولا عبقرياً، قلت لكم العلم تطور، يمكن ربط تغير توقيت الإشارة ليتغير معها متزامناً توقيت التايمر.. «اصحوا معانا شوي»..!
السؤال المهم الآخر أيضاً هو؛ هل إدارة المرور تستطيع فرض القانون والانضباط المروري في كل البحرين؟ أم أنكم ستفرضونه في المحرق والمنامة والرفاع ومدينة عيسى ومدينة حمد؟ هل لديكم القدرة على فرضه في كل المدن والقرى؟
نريد إجابة، ونريد أن نرى ذلك على أرض الواقع، فالمعلومات المتوفرة لا تقول ذلك.
من ضمن الأمور الطيبة في القانون هي عدم المشاركة في مواكب في الشوارع دون إذن مسبق، وهذا الأمر طيب، الناس تعاني من مواكب الأفراح والأحزان وغيرها، فيتم إغلاق الشارع لأن فلاناً يتزوج الليلة «يا أخي خذ زوجتك وروح معاها، خل الناس تطوف وتقضي أشغالها.. وأنت خلص شغلك».. على قولة الممثل المصري هنيدي «قتكوا داهية مليتوا البلد»..!!
السؤال هنا؛ كل هذه المخالفات في الشارع هل تستطيع إدارة المرور رصدها بطاقمها الحالي؟ هل تتساوى «كنسبة وتناسب» حجم الدوريات المرورية مع حجم وأعداد المركبات؟
أكثر ما يؤرق الناس اليوم في أغلب مناطق البحرين هي ظاهرة (الدبل بارك)، وهي ظاهرة منتشرة في الشوارع التجارية، فتجد شخصاً يريد شاي كرك مثلاً، يعطل الناس خلفه حتى يصل إليه شاي الكرك..! أو أن يوقف سيارته في الشارع وينزل إلى محل تجاري ويترك الناس لا تستطيع العبور، هذه الظاهرة أخرى نتمنى من مدير المرور أن يضع لها حلاً عاجلاً.
سؤال آخر إلى إدارة المرور؛ يشتكي الناس الذين اشتروا بيوتاً في مشروعات عقارية خاصة أن المرور (ورجال الأمن أيضاً) لا يدخلون إلى داخل هذه المشروعات لفرض القانون أو مراقبة الحركة والالتزام هناك، وقد حدثت حوادث مميتة بسبب أن بعض الآباء يترك ابنه أو (بنته) ممن لا يملكون رخصة قيادة يتركهم يتجولون ويقودون سياراتهم داخل هذه المدن. فهل هذا صحيح أن رجال المرور والأمن لا يدخلون داخل هذه المشروعات؟
الناس أيضاً تعاني الأمرين بسبب السياقة المتهورة لسائقي الدرجات النارية التابعة للمطاعم، ليس عليهم رقابة، ودراجاتهم تخلوا من اشتراطات السلامة والإضاءة السليمة، ويفعلون ما يحلو لهم، وبالتالي تحدث حوادث خطرة جداً بسببهم وبسبب تهورهم، كما أن زيادة الآسيويين في البلد جعلنا نقول لإدارة المرور (جوفوا حل لمن يركب الدراجة الهوائية) صارت شوارعنا مثل الهند «لا ويطوف على الدوار وحساب روحه سيارة»..!
غير أن السؤال الأهم؛ هل يملك مدير المرور أن يفرض القانون على الجميع؟ أو أن يفرضه على جميع لوحات السيارات وإلا القانون (زئبقي) كما يقولون..؟
** رذاذ
من ضمن نقاط قانون المرور الجديد والتي قرأتها أثناء مداولات القانون في مجلس النواب أن لرجل المرور الحق في إعطاء مخالفة مرورية على الأعمال المخلة بالآداب العامة..!!
يعني الحين انتوا رجال مرور وإلا شرطة آداب؟ وإذا معاك ولدك الصغير بالسيارة وقبلته، هل هذه مخالفة وإلا شلون؟
** بقياس نسبة دخل المواطن والأجور بالبحرين، فإن بعض أرقام المخالفات تقدر بأكثر من دخل الفرد، بمعنى أن هذه القيمة للمخالفة لا تتساوى من جانب آخر مع أجور المواطنين، فحين تطبق قطر أو الإمارات أو الكويت مثل هذا القانون فأجور المواطنين مرتفعة، لكن ماذا نقول اليوم وقد أقر القانون مجلس النواب السابق، الموضوع في رقبة النواب السابقين..!
** يقول القانون الجديد؛ إذا أوقفت سيارتك في مكان مظلم من غير إضاءة أنوار السيارة فإن عليك مخالفة يصل أقصاها إلى 100 دينار!! بصراحة ما فهمت هالمخالفة، يعني اللي يقفون عند البحر أو ماخذين لهم (يوش) في البر، عليهم مخالفة بعد لأن أنوار السيارة غير مضاءة؟ سمعتوا يا شباب، مالكم إلا باركات (السيف) السيف المجمع مو البحر.. تحملوا عاد..!!