الطبيعية البشرية المزدحمة في الكثير من ضغوط العمل والعلاقات الاجتماعية، تحتاج بين حين وآخر إلى متنفس لتجديد الطاقة والراحة والهدوء، لذلك فإن الحاجة تستدعي وجود أماكن ترفيهية ذات مستويات عالية، كي يستطيع الإنسان التوجهه إليها وقضاء بعض الوقت، خصوصاً في فترة الإجازات الصيفية.
البحرينيون، كما كل شعوب الأرض، يبحثون عن هذه الأماكن، والتي توفر لهم أجواء من الراحة والترفيه العائلي، لذلك فإننا نجد بعضهم يتجهون إلى الدول الأوروبية أو الآسيوية أو العربية، فيما يفضل الكثيرون دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، خصوصاً إمارة دبي، لما توفره من خدمات سياحية وفندقية وترفيهية عالية المستوى، وهنا مربط الفرس.
فدبي، التي لها محبة كبيرة لدى أبناء البحرين عموماً، أصبحت وخلال فترة وجيزة محط أنظار العالم، حيث اهتمت باستقطاب الكثير من المشروعات الاستثمارية الضخمة في مختلف المجالات، وعلى رأسها صناعة السياحة والمهرجانات والمؤتمرات والمعارض، وذلك بعد أن نفذت خطة طموحة تهدف الى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل القومي.
لذلك فقد توجهت إلى الاعتماد على اقتصاد السياحة كرافد أساسي وصل إلى أرقام كبيرة من حيث الدخل أو عدد السائحين، عدا عن توفير عشرات الآلاف من فرص العمل المجدية لأبناء الإمارات، وتشير الإحصائيات أن عدد زوار الامارات بلغ عام 2014 ما يزيد عن 15 مليون سائح.
وهنا السؤال المهم؛ كيف وما هي الخطوات التي قامت بها إمارة دبي لإنعاش السياحة؟
بدأت أولاً بالبنية التحتية للسياحة الصحيحة، حيث استقدمت شركات عالمية تستثمر في هذا المجال، مما عاد على البلد بأرباح كبيرة وساهم في رفع المستوى المعيشي للعاملين في هذا القطاع، فعملت هذه الشركات على إقامة الفنادق العالمية والشقق الفندقية والمنتجعات، فتح النوافذ الجوية وانعاش خطوط الطيران وتقديم تسهيلات لجذب السائح العربي والأجنبي، كذلك الاهتمام بالمنافذ البرية والبحرية، اقامة المهرجانات العالمية والأسواق العملاقة، ما جعل الجميع يتهافت عليها للزيارة والاستثمار هذا المكان.
كل ما تقدم كان من عوامل الجذب السياحي العائلي، ولا ننسى توفير المواصلات بشتى أشكالها (التاكسي، قطارات، باصات للزوار)، إضافة الى التسيهل لشركات الاتصالات والمؤسسات الإعلامية العالمية، ما ساهم في تقديم دعاية متواصلة على مدار العام للسياحة في الإمارة، ولم تترك دبي أية مساحة إلا وتم استغلالها في الجذب السياحي؛ مثل البيئة الصحراوية من خلال رحلات السفاري، عدا عن الفعاليات المختلفة سواء كانت رياضية أو تجارية أو ترفيهية.
أما إذا توجهنا للحديث عن البحرين؛ وهنا يبرز السؤال الأهم؛ ما الذي ينقص البحرين لتتحول إلى مقصد سياحي عائلي، ليس على مستوى الخليج، بل وعلى المستوى العربي والدولي؟
حقيقة، إن في البحرين كثير من العوامل والظروف تساعدها على تبوء هذا المركز، حيث تتمتع بموقع جغرافي متوسط ما يعني سهولة الوصول إليها براً أو بحراً أو جواً، إضافة إلى ما تمتلكه من حرية قوانين اقتصادية تساهم في طمأنة المستثمر، وهي أيضاً أرض سياحية خصبة حيث التنوع الجغرافي؛ الجزر والصحراء، عدا عن توفر قوى عاملة عالية المستوى من حيث التحصيل العملي والإبداع المهني.
لكن الواقع على الأرض لا يعكس حجم الإمكانيات الحقيقي، فلا يوجد في البحرين غير شركة طيران واحدة. ورغم أننا نملك الكثير من الكنوز السياحية والأثرية التي تعود لآلاف السنين، فلا زالت غير مستغلة بشكل صحيح لتشكل رافداً من روافد الدخل القومي، كما يمكن استغلال بيئة البحرين المتميزة في البحرين بعمل فعاليات عالمية كسباقات القوارب وغيرها..
كثيرة هي الأفكار التي يمكن تحقيقها في هذا المجال، وهي أفكار حقيقية وواقعية، لا تحتاج إلا إلى جهد بسيط من المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال للترويج لها من خلال برامج إعلامية يتم نشرها حول العالم.