بعد طول انتظار تم فصل السياحة عن الثقافة وإلحاقها بوزارة الصناعة والتجارة، والإبقاء على الثقافة كما هي ولكن فقط بمسمى هيئة، فلا جديد في المضمون ولا السياسات ولا التوجهات ولا الاهتمامات السابقة، فهل ما حدث إذاً هو تخليص للثقافة من السياحة بعد أن كانت عبئاً عليها وغير متسقة مع نهج الثقافة التي تجد نفسها في الاهتمام بالقلاع والمتاحف والبيوت القديمة واستضافة الفرق الأجنبية تحت مسميات ومناسبات مختلفة.
أم أن ما حدث هو إبعاد السياحة عن الثقافة وتحريرها من عقلية محدودة تختصر السياحة في الفنادق، وتعتقد أنها سخرت لها كبقرة حلوب تحلب منها الإيرادات والرسوم لتغطية ما أمكن من ديون والتزامات الثقافة المالية التي لم يتوقف نزفها على مدى السنوات العشر الماضية على الأقل؟
فصل السياحة عن الثقافة إذاً ليس هو الحل بحد ذاته، خاصة إذا تم الإبقاء على كل مسؤوليتاهما ومسؤوليهما وعلى السياسات والقوانين والإجراءات والتصرفات دون مساس أو تغيير.
السياحة قطاع اقتصادي مهم في جميع دول العالم يعتمد عليه كأحد القطاعات الكبرى الجاذبة للاستثمار من ناحية والمنوعة والمزيدة للدخل من ناحية أخرى، ولذلك تتجه معظم هذه الدول إلى تأسيس وزارة للسياحة مدعومة بمجلس للسياحة جميع الأعضاء فيه من المالكين والعاملين في القطاع السياحي، وكذلك بقانون يحدد ويحفظ حقوق وواجبات الجهات السياحية المختلفة ويتعامل معها بأسلوب مؤسساتي وقانوني بعيداً عن الفردية والمزاجية والكره والمحبة.
والسياحة بعد ذلك فنادق ومطاعم ومنتجعات تقام وفق تصنيفات دولية تحمى بالقانون، ومشروعات ثقافية وترفيهية تقام على الشواطئ وفي الجزر وأماكن مختلفة من البلاد، والسياحة مؤتمرات ومعارض وسياحة علاجية وسفر بالبر والبحر والجو، تعطى كلها تسهيلات وامتيازات خاصة دعماً للاستثمار وتوفيراً للترفيه واستدراراً للإيرادات كمكون رئيس من الدخل العام.
أما الثقافة فهي الأخرى تحتاج إلى تغيير جذري لتصبح أولاً مؤسسة وليست فرداً وبحرينية تعمل من أجل إبراز البحرين ودعم إبداعات البحرينيين، واقتصادية تصرف وفق الضوابط والقوانين والمحددات، وليس بعقلية المال المشاع السائب.
وإذا لم يرتبط الفصل بالتغيير والنظرة الجديدة إلى هذين القطاعين فإنه سيبقى مع الأسف مجرد إرضاء لرغبات وأمزجة.