نحتاج في خضم حياتنا المتلاطمة أن نبحث عن كل تقاسيم الحب في كافة مناحي الحياة، وأن نكون عناصر بناء لحياة إيجابية سعيدة بناءة منتجة، لا أن نكون معول هدم ونشر لسموم السلبية والإحباط والتخبط وتصيد الأخطاء. نحتاج أن نرسم «ابتسامة» مشرقة على وجوه كل من نقابله، وعلى صعيد كل ميدان نحط فيه الرحال.. وفق هذه اللوحة المتألقة في ألوانها وتناغم أفكارها، أطلقت اللجنة الاجتماعية بالمؤسسة الخيرية الملكية مؤخرًا فكرة إيجابية جديدة لموظفيها في محيط العمل أسمتها «أسبوع الابتسامة» نظمت من خلاله العديد من البرامج والأفكار التي تصب في إطار البحث عن «الحب والإيجابية» وتغيير النظرة القاصرة للعمل لتكون نظرة ثاقبة لعمل أكثر تميزاً ورقياً وعطاء للآخرين.
نبعت فكرة هذا المشروع من خلال إيمان القائمين عليه بأهمية تغيير روتين العمل، ولإضفاء لمسات جميلة على أوقات العمل للموظفين لدفعهم إلى المزيد من الإنتاجية والتحفيز والعطاء، فأطلقوا عليه شعار: «ابتسامتك تحلي حياتك» وتم تزيين مدخل المؤسسة وأقسامها المختلفة بعبارات الابتسامة والوجوه المبتسمة، كما تم تنظيم زيارات مجتمعية لكبار السن والمستشفيات لرسم الابتسامة على وجوه الآخرين، كما قام أفراد المؤسسة عن طريق التصويت باختيار «الشخصية المبتسمة» وتم تكريمه، فضلًا عن «رسائل الابتسامة» التي تصل إلى هواتف الموظفين.
إن الابتسامة سحر حلال تجعل الأمل أقرب إلى جدران حياتنا، وحدث جميل متكرر في لحظات الحياة، وأسلوب رائع لكسب الآخرين، الابتسامة ثقافة مجتمعية جميلة تتعمق جذورها متى ما اقتنع كل فرد منها بأهمية ركائزها ومحاورها في إحداث التغيير الإيجابي المنشود، وفي إيجاد نغمة حب بارعة تقضي على كل ضغوطات الحياة، وتتصدى لكل الأمواج العاتية التي تحاول النيل لإنجازاتنا الحياتية المتتالية.
يقول الكاتب عبدالله السعدون: «كنت في أستراليا مع الطلبة السعوديين تحدثت معهم عن ثقافة البلد الذي ابتعثوا إليه، وكيف يمكن أن نستفيد من أفضلها، أجاب أحدهم: في هذا البلد تعلمت الابتسام حتى لمن لا أعرفه من الناس، معظمهم هنا يجبرونك على الابتسامة، تقابل الرجل أو المرأة فيبادرك إلى القول: «صباح جميل» ثم يتبعه بابتسامة لم تكلفه شيئاً». وفي المملكة العربية السعودية أسس رجل الأعمال المعروف عبدالمحسن الحكير «المجموعة السعودية للابتسامة» وهي مجموعة تعنى بنشر ثقافة الابتسامة في المجتمع السعودي، ويديرها مجموعة من الشباب الجامعي ومن العاملين في القطاعين العام والخاص.
وقد وضع لنا النبي صلى الله عليه وسلم منهجاً خاصاً للإيجابية والروح الجميلة وأسارير الوجه المشرقة ليكون لنا المنهج المتجدد لكسب الآخرين وجذبهم والتأثير فيهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة». وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق». وقال عليه الصلاة والسلام: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق». وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: «ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رآني إلا تبسم في وجهي».
ويقول أحدهم: «لا يكفي المال وحده لتأليف القلوب، ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية، لا بد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف، المستمد من روح الله، ألا وهو الحب، الحب الذي يطلق البسمة من القلوب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق».
يقول الشاعر:
هشت لك الدنيا فمالك واجما
وتبسمت فعلام لا تتبسم
إن كنت مكتئباً لعز قد مضى
هيهات يرجعه إليك تندم
نحن في أمس الحاجة إلى إحياء «ثقافة الابتسامة» في كل المجتمع، نحتاج إلى ابتسامة تفتح مغاليق القلوب وتنشر الأمل، نحتاج أن نصنع ابتسامة في كل طريق نسلكه حتى نجدد معاني الحياة في كل النفوس، ونهتف: «الدنيا بخير»، بالفعل إن من تراه مبتسماً فهو بلا شك يصنع في نفسك «سعادة غامرة»، فهذه نملة صغيرة صنعت ابتسامة لسيدنا سليمان عليه السلام، قال تعالى: «فتبسم ضاحكاً من قولها..».
من اليوم، نستطيع أن نتبنى مشروعات «الابتسامة» بدعم معنوي ومادي من مؤسسات المجتمع يؤسس لمجتمع أكثر حيوية وإيجابية وعطاء، فوزارة التربية والتعليم مطالبة بتعميق هذه الثقافة من خلال رياض الأطفال والمدارس، ووسائل الإعلام هي الأخرى يجب أن تفعل برامجها لرسم الابتسامة على وجوه أفراد المجتمع، ابتسم، مهما كانت الظروف، فابتسامتك، عنوان لحياتك، وقصة جميلة تكتب فيها معاني الخير والسعادة، شارك في ميادين الخير وجدد حياتك بتغيير يبعث في نفسك أريحية السعادة وجمال الحياة، حينها ستبتسم داخل نفسك، قبل أن تبتسم في وجوه الآخرين، لأنك بالفعل شخصية سعيدة، تحب جمال الحياة، وأخيراً، ابتسم من أجل سعادتك.