بعض المترشحين للانتخابات وآخرين من المتحمسين للعملية الانتخابية وغير المتحمسين لها يعتقدون أن المال السياسي هو المسؤول عن وصول مترشحين إلى مجلس النواب لا يتمتعون بالخبرة والكفاءة، وهم دفعوا المال لأعداد من الناخبين الفقراء أو المحتاجين مقابل الحصول على أصواتهم الموصلة إلى المجلس.
في مفهوم هؤلاء وأولئك أن المال السياسي يوظفه المترشح من أجل دخول مجلس النواب والحصول على المكافأة المالية وملحقاتها من بدلات وعلاوات وامتيازات، بالإضافة إلى المكانة والوجاهة والنفوذ في المجتمع ولدى الوزراء والحكومة بصفة عامة، تماماً مثل رجل الأعمال الذي يستثمر في مشروع تجاري أو صناعي أو خدمي فيصرف مبلغاً من المال يعود عليه مضاعفاً في سنوات لاحقة...
لكن هذا الفهم السائد والمتعارف عليه للمال السياسي ودوره في «الاستثمار البرلماني»، ليس في البحرين فحسب إنما في الكثير من دول العالم، هذا المفهوم ليس الذي نعاني منه في البحرين ويشكل خطورة على نزاهة ومصداقية وفاعلية عمل مجلس النواب ويجعله مجلساً فاشلاً لا يرقى إلى مستوى طموح الناخبين ومطالب وآمال الشعب.
المال السياسي الذي برز في التجارب النيابية السابقة وعلى الأخص مجلس 2010 والقسم التكميلي منه يتجلى في أن النواب الذين دخلوا المجلس من أجل الدفاع عن مصالح الشعب ما إن ترسخت أقدامهم بداخله حتى تحولوا من الدفاع عن مصالح الشعب إلى العمل من أجل مصالحهم الخاصة، وبالتالي أصبحوا متلقين وقابضين للمال السياسي بدلاً من دفعهم إياه للناخبين المحتاجين.
وجد هؤلاء النواب أن المجلس بصلاحياته المحدودة جداً، وبتفرق النواب كأفراد مستقلين لا برنامج موحد لهم ولا قوة قادرة على فرض مطالبها أو اعتراضها، هذا المجلس غير قادر على خدمة المصالح العامة للشعب، ولا الصمود أمام الإغراءات التي تدفع النائب باتجاه الاستفادة الذاتية وتوسيع مصالحه مقابل عدم الاصطدام بالسلطة التنفيذية وعدم محاسبة واستجواب الوزراء، مال سياسي من نوع خاص وصناعة بحرينية بامتياز.