نشوة الفرح الوطني التي انتابتنا منذ يوم السبت قبل الماضي وحتى يوم أمس، هي نشوة فرح وطني حقيقي، ليس هذا الفرح موجهاً ضد أحد، إلا ضد من يحقد ويكره ويمكر للبحرين.
إنما في الأصل يجب أن يكون هذا الفرح هو فرح البحرينيين جميعاً بتلك الفزعة الوطنية، من يعمل للانقلاب سنوات طوال، كيف تريدون منه أن يفرح للفزعة الوطنية، ولانتصار البحرين؟
احسبها انتفاضة شعبية ثانية، أخرست الحاقد الخائن، وعلمته حقيقة حجمه الطبيعي من بعد أن كان البعض يرى نفسه متضخماً أكثر من اللازم.
تصويت أهل البحرين في المرحلة الأولى والثانية، إنما هو عهد جديد من تاريخ البحرين الحديث الذي يكتبه أهل البحرين الشرفاء، فمن بعد الهزيمة الكبرى في 2011، جاءت الهزيمة الكبرى والنكراء في 2014، وهذا يجعل من يغدر بالبحرين يضرب أخماساً بأسداس، من فرط الكارثة التي حلت عليه.
مع انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات، ووصول النواب إلى المجلس، فإن هذا عهد جديد من مرحلة العمل الوطني الذي ينبغي أن يقوم على أولويات كثيرة تتعلق بمطالب الناس واحتياجاتهم، وتتعلق أولاً بحفظ الأمن الوطني البحريني، فلا تنمية ولا اقتصاد ولا تجارة، ولا رخاء اجتماعي إلا بالأمن، أكاد أسمي هذا المطلب بـ»أبو المطالب».
المرحلة الجديدة لن تنحصر على نواب جدد، ولكنها ستأتي أيضاً بتشكيل وزاري جديد، بينما الجميع يتمنى أن يكون التشكيل الوزاري الجديد مبني على أسس صحيحة، ووجوه وطنية، وكفاءات تستطيع أن تنهض بالعمل الحكومي.
بعض الوزراء «دون ذكر أسماء» كانوا دون الطموح بكثير، ودون التمنيات بكثير، والبعض من الوزراء المعنيين أخذوا يقومون بعمل كبير وظهور إعلامي متكرر مؤخراً بغية التأثير على قرار التشكيل الوزاري، وقد لمسنا ذلك بشكل واضح فاضح.
كنا نتمنى من وزراء بعينهم أن «يعملوا شو» لمشاريع وزاراتهم من أجل أهل البحرين، والقيادة، ومن أجل أن ننجز المشاريع للوطن، لا من أجل «الشو» والظهور ساعة التغيير الوزاري وإظهار المشاريع في هذا التوقيت.
المرحلة الجديدة ينبغي أن تقوم على العمل المخلص، والإنجاز، وأن تكون الوزارات الخدمية على درجة كبيرة من الكفاءة، وتقديم خدمات سريعة ومتقنة للمواطن والمقيم.
الوزارات الخدمية هي عصب الحياة للناس، وهي عصب الاقتصاد والتجارة والخدمات من أجل ذلك نحتاج إلى ثورة إنجازات في الوزارات الخدمية، كما إنني أتمنى أن تعمل الوزارات الخدمية يوم السبت من أجل سرعة إنجاز معاملات الناس وعدم تأخرها، جميع الوزارات الخدمية والتي تتعلق بالجمهور في اعتقادي يجب أن تعمل يوم السبت، وهو يوم محبب للموظفين لينجزوا أعمالهم في وزارات أخرى كون السبت إجازة.
هذه المرحلة الجديدة من العمل الحكومي تتطلب أن يعيد وزراء الخدمات فتح مجالس الوزارات الأسبوعية ليلتقي فيها الوزير بالناس، ويسمع منهم، ويحل مشاكلهم، ويتعرف على مواطن القصور في وزارته.
هذه المجالس أمر بها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله، لكن الوزير الذي بقي مجلسه مفتوحاً هو وزير الإسكان الأخ باسم الحمر «رغم أن ملف الإسكان يعتبر أبا المشاكل» أما بقية الوزراء فلم يلتزموا بالمجلس الأسبوعي الذي يلتقي فيه الوزير بالناس.
التسريبات حول التغيير الوزاري «مجرد تسريبات» تشمل وزارات بحسب ما نما إلى مسامعنا: وزارة الصحة، وزارة الإعلام، وزارة الصناعة والتجارة، وزارة المالية، وزارة العدل، وحقوق الإنسان التي يتوقع أن تلغى الوزارة، وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة البلديات، ووزارة الثقافة، ووزارة التربية والتعليم.
وهناك وزراء قاموا بتوديع من حولهم، وهناك من أخر قرارات، أو توقيعات، وقال: «خل الوزير الجديد يأخذ هذه القرارات».
أعود وأقول إنها تسريبات، وكل شيء قد يتغير في اللحظات الأخيرة، من يدري.
لكن في البحرين فقط يعتبر مكان الوزير محفوظاً، حتى الوزير الذي يقدم مستوى دون الطموح، أو يرتكب مخالفات جسيمة، فإن منصب الترضية جاهز له، هذه هي البحرين.
الوزير لدينا لا يتقاعد، وربما شاهدنا أمثلة بسيطة على تقاعد الوزراء واتجاههم للعمل الخاص، وأذكر مثلاً الوزير فهمي الجودر الذي اكتفى بالمناصب الرسمية ثم اتجه للعمل الخاص، وهذا هو المفروض أن يحدث.
من هنا فإن المسؤولية ستكون كبيرة على النواب الجدد، الذين سيشغلون مقاعد مجلس النواب «المجلس يمتلك صلاحيات غير مسبوقة عن المجالس السابقة» الناس لا تريد مجلساً ضائعاً، أو مجلساً يشابه المجلس الماضي، فمن أول يوم يمكن للنائب أن يعمل للسنوات الأربع القادمة، الوقت يمضي سريعاً.
أما الوزراء فعليهم مسؤولية أمام الله، ثم أمام جلالة الملك وأمام سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، وأمام هذا الشعب، من هنا فإن وجود وزراء أكفاء ومخلصين ووطنيين أمر هام جداً لمرحلة جديدة ينبغي أن تكون مرحلة نهضة وبناء للبحرين، من أجل ذلك نتمنى أن تكون وجوه النواب على قدر المسؤولية، وكذلك الوزراء الجدد..!