طالعتنا الصحف منذ فترة بخبر تخفيف حكم قضائي من عشر سنوات لثلاث سنوات فقط في قضية رجل سبعيني قام بالاعتداء على عرض طفلة «12 سنة» وابن خالتها «9 سنوات» وتصويرهما بأوضاع مخلة بكاميرا هاتفه.
مدة الحكم القليلة كانت أكبر من فاجعة المأساة التي نقلتها تفاصيل قصة هذين الطفلين البريئين، والتي ندرك من خلالها مقدار الألم النفسي والقهر الذي حصدته نفوس أهاليهما وهم يتلقون الحكم الصادر، إذ يكن قد أن يطلع عليه أي ذئب بشري آخر فيستهين بمعادلة مدة عقوبات أحكامنا القضائية مقابل الجرم الفظيع الذي تم اقترافه.
جريرة الرجل السبعيني الذي كان يظهر في صورة الجار اللطيف الوديع الذي يقوم بإقراض دراجة حفيده لهذين الطفلين الصغيرين، ومن ثم استدرجهما بالحلوى للدخول إلى منزله والاعتداء على عرضهما وتصويرهما في أوضاع مخلة وتدميرهما نفسياً وتحطيمهما، وهما في مقتبل العمر وأمامهما سنوات طويلة قادمة سيعيشونها في خزي وعذاب واضطرابات نفسية بليغة تجاه ما حصل لهما من بشاعة الجرم، كل ذلك لا يمكن أن يعادل عقوبة سجن ثلاث سنوات، لا يمكن لأي منطق أو ضمير بشري أو عقل أن يقبل بأن تكون أحكامنا القضائية تجاه جرائم الاغتصاب، خاصة اغتصاب الأطفال واستغلالهم، بثلاث سنوات، لا يقبل أن تتم المتاجرة بأجساد أطفالنا وانتهاكها بما يخل بحقوق الطفل مقابل أحكام قضائية لا تراعي الأبعاد النفسية والسلوكية للجرائم التي تتم على أطفالنا.
سؤال؛ هل انتهاك أعراض الأطفال في البحرين ثمنه ثلاث سنوات فقط؟ هل توثيقها بالفيديو واستغلالهم جنسياً بشكل متكرر ومستمر مقداره ثلاث سنوات؟ هل لدينا جهاز صحي متطور بحيث يتمكن من حل العقد النفسية التي ستترسخ لدى الأطفال المغتصبين ومن ثم إعادة دمجهم للمجتمع من جديد؟ نريد الإجابة من الجهات المختصة.
قضية الاعتداء على هذين الطفلين وإجبارهم على مشاهدة الأفلام الإباحية واستغلالهم جنسياً أكثر من مرة تلقي بالضوء على جرائم اغتصاب الأطفال المتكررة لدينا، والتي زادت خلال السنوات الماضية، وهو أمر يعكس ضرورة أن تتولى الجهات المسؤولة القيام بحملة توعوية لتثقيف الأطفال الصغار، فهذا الرجل المختل قام بتهديدهما بالقتل وهو يمارس جريمته، والمعروف أن الطفل من الناحية النفسية دائماً عندما يعتدي عليه أحدهم أو يخطئ بحقه يشعر أنه هو المخطئ والمذنب فيما حصل فلا يتكلم، ودائماً الأطفال عندما يأتيهم ذئب بشري يهددهم بالقتل أو يهدد قتل أهلهم في حال أخبروهم فإنهم يصدقون ذلك وينصاعون لهم ولا يتكلمون ولا يعرفون كيفية التصرف، ومن ثم هناك حاجة ضرورية وملحة أن تتولى الجهات المسؤولة كوزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة إطلاق حملة تثقيفية للأطفال وطلبة المدارس تتولى توعيتهم بكيفية التعامل عند التعرض للتحرش والوقاية من الذئاب البشرية التي تستدرجهم، إلى جانب كيفية الإبلاغ في حال تعرضهم للاعتداء الجنسي.
وصلني أنه في أحد مراكز الشرطة بإحدى القرى تسبب أحدهم بحمل ابنة شقيقته، وطبعاً مثل هذه القضايا «زنا المحارم» التي تتقاطع مع قضية اغتصاب الأطفال كلاهما وجهان لعملة واحدة، مثل هذه القضايا يتم التكتم عليها دائماً خشية النظرة المجتمعية والفضائح والثمن يدفعه هؤلاء الأطفال الذين سيظلون يعانون طيلة حياتهم، فالتعرض للاغتصاب يعني الموت البطيء لروح الأطفال البريئة وخدشها بالألم المستمر والعار.
أكد تقرير نشر على «الجزيرة نت» عام 2006 ارتفاع معدلات الاغتصاب بالمدارس السويسرية للأطفال لمن هم تحت سن الـ 16 سنة بنسبة 63%، وبحسب تقرير حقوقي صدر في المغرب أكد أن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال تتنامى بشكل كبير وغالباً ما تتراوح أعمار الضحايا ما بين 5 سنوات إلى 14 سنة، وتشكل الاعتداءات الجنسية 80% من حالات استغلال القاصرين في المغرب، و75% من المعتدين يكونون من أقارب الأطفال.
وفي عام 2011 كشفت دراسة أصدرتها الجمعية الوطنية لحماية الأطفال أن عدد حالات اغتصاب الأطفال الصغار في بريطانيا ارتفع أكثر من الضعف خلال السنوات السبع الماضية، وأن هناك 3000 طفل دون سن الثالثة عشرة تعرضوا لهجمات جنسية، فيما ارتفع عدد حالات الاستمالة الجنسية من 186 عام 2004 إلى 310 حالات في 2010.
إذاً قضية اغتصاب الأطفال واستمالتهم جنسياً قضية عالمية تعاني من ويلاتها دول العالم، حتى تلك المتقدمة والمتمدنة، مما يستلزم إيجاد تشريعات قوية وحازمة تكون صمام أمان ضد الذئاب البشرية التي قد تجد في عدم صرامة قوانينا ثغرة لممارسة انحرافاتهم الجنسية، إن ازدياد حالات اغتصاب الأطفال في البحرين مؤشر خطير يؤثر على ملف حقوق الطفل، كما إن ظهور جرائم الاغتصاب خلال السنوات الماضية على السطح قد يكون سببها وصولها إلى النور ووسائل الإعلام، أي أنه لا يمكن أن يعد مقياساً مقابل الكثير من الجرائم التي قد لا يتم الإبلاغ عنها أو يطويها الصمت والخجل المجتمعي وعدم الاعتراف من الطفل نفسه.
إن انتهى الأذى الجسدي فلن ينتهي الأذى النفسي، بل بدأ المشوار معه، والمعروف من الناحية النفسية من يمد يده على طفل وينتهك عرضه سينسى فعلته بعد أن تنتهي لذته المؤقتة، لكن الطفل سيعيش كالقنبلة الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة وتهدم المجتمع وتهدد أمنه وسلامته لإطفاء نار الألم الذي تجرعه، فالطفل المغتصب سيعيش وبيده معاول هدم وانتقام لمجتمعه وللأطفال الصغار الآخرين، فالمعروف أن من يتعرض للاغتصاب -وهذه معلومة معروفة عند أطباء النفس- لا يرتاح حتى يمارس الإسقاط النفسي ويسقط الآلام التي بداخله على طفل آخر في مثل العمر الذي تعرض فيه للاغتصاب مستقبلاً، لذا لا يمكن إطلاق سراح الذئاب البشرية، التي غالباً ما تكون مضطربة نفسياً و»تفرخ» بجرائمها، فمثل هذه القنابل الموقوتة المهتزة نفسياً «الأطفال المغتصبين» سيعودون إلى المجتمع من جديد وينخرطوا فيه لإيذاء أبرياء آخرين فتكبر الدائرة وتستفحل مجتمعياً.
هذه القصص المأساوية التي تفكك المجتمع تعد مدعاة لانهيار أخلاقياته وتستوجب إيجاد بوصلة الضبط، وبوصله الضبط هذه إن قصر فيها أولياء الأمور بعدم الرقابة على أبنائهم أو توعيتهم فالأولى من الدولة أن تتبنى هذا الملف قبل أن يستفحل أكثر، كما نتمنى من السادة النواب وأعضاء مجلس الشورى تبنى هذه القضية بإيجاد تشريعات صارمة تصل لعقوبة السجن المؤبد والإعدام لمعاجلة القصور التشريعي الموجود في هذه القضايا المأساوية، فما يحدث عنوانه المتاجرة جنسياً بأجساد أطفالنا البريئة من قبل هؤلاء الذئاب ولا معنى آخر غيره.
- علامة استفهام إلى وزارة التربية والتعليم..
وصلتنا معلومات عن امتناع فنية مصادر تعلم بمدرسة عقبة بن نافع الابتدائية عن أداء مهامها الوظيفية منذ أربع سنوات، أي منذ أزمة البحرين لأسباب طائفية، حيث تتواجد في مبنى آخر مع معلمات من نفس طائفتها، ورغم إصدار الوزارة قرار نقلها إلى مدرسة الرفاع الشرقي الابتدائية حيث تتوافر بمدرستها ثلاث موظفات ولكون المركز بمدرسة الرفاع يحتاج إلى شاغر إلا أنها رفضت قرار النقل وما تزال ممتنعة عن العمل، وهنا نطلب التوضيح من قبل الوزارة؟
كما وصلتنا ملاحظات حول تقرير هيئة جودة التعليم والتدريب للمدارس، حيث إن هناك نسبة ليست بالقليلة من المدارس يتراوح تقرير الأداء فيها دون الجيد، وهناك نسبة من المدارس حصلت على تقدير غير ملائم رغم وجود فرق التحسين، وهو فريق من الوزارة يهدف إلى رفع مستوى أداء المدارس، فإذا فشل فريق التحسين في تطوير الأداء ورفع مستوى المدارس من غير ملائم إلى جيد وهو المحك المطلوب فمن يتحمل نتيجة هذا الفشل الذي ضحاياها بالطبع هم أبناؤنا الطلبة؟