في غمرة الحديث عن الخريف العربي الذي أصاب بلداناً كثيرة بالدمار والحروب الداخلية وسفك الدماء وضياع أمن الأوطان، وكان هذا ما يراد له أن يحدث بالبحرين، وفي تناول الحديث عن دول بعينها، فقد قيل إن أحد أسباب ما حدث في أكثر من دولة عربية هو وجود أشخاص يمنعون وصول صوت الناس إلى صاحب القرار.
وحين حدث ذلك في تلك الدول؛ أصبح صاحب القرار منفصلاً عن الواقع، لا يعرف ماذا يجري في الشارع، ولا يشعر بنبض الناس، وأصبح منغلقاً في دائرة ضيقة، بينما ينقل له من هم حوله أن أمور الرعية بخير، والناس بخير، وأن مطالبهم مبالغ فيها وليسوا في حاجة لها، وأن كثير من المواطنين لديه هذا النوع من السيارات وأنهم يحملون في أياديهم الـ «آيفون».
حين انفصل صاحب القرار عن الناس أصبح لا يعلم عن الشارع ولا عن هموم الناس شيئاً، حتى جاءته الموجة الكبيرة التي لا يمكن إيقافها أو صدها، فأزالته في أيام معدودات، ولم يغن عنه الجيش ولا الداخلية، الموجه جعلت كل أولئك إما ينقلبون عليه أو يقفوا متفرجين.
السماع لهموم الناس أمر في صلب الحكم الرشيد، فلا يجب أن يمنع أحد (مهما كان مركزه) هموم الناس من الوصول إلى صاحب القرار، وإن حدث هذا فإنه أمر خطير على نظام الحكم قبل أن يكون خطيراً على الناس، ويكرس فصل صاحب القرار عن هموم الناس، وبالتالي تصبح القرارات منفصلة هي الأخرى عن الواقع.
نحمد الله أننا في البحرين لدينا قيادة متواضعة وطيبة ومتواصلة مع الناس، وتحب أهل البحرين، ولا تنفصل عنهم، وهذا من أهم أسس الحكم الرشيد التي تجعل الجبهة الداخلية قوية ومتماسكة، فجلالة الملك حفظه الله ورعاه مرتبط بالناس، ولديه من يوصل نبض الشارع إليه، كما أنه يستقبل الناس في مجلسه العامر كلما سنحت الفرصة لذلك.
وكذلك صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الموقر حفظه الله، هو من أكثر رؤساء الحكومات سماعاً لصوت شعبه، وهو من أكثر رؤوساء الحكومات في الخليج الذي ينزل إلى مواقع العمل، وهو أيضاً يستجيب فوراً حينما تصل إليه المشكلة ويتم التحقق منها، وهذا ليس مجاملة لهذا الرجل وإنما واقع نلمسه، حتى في نداء أصحاب الأعمدة والكتاب أو الأخبار التي تنشر، ولديه طاقم عمل ممتاز يوصل إليه ما ينشر بدقة كبيرة وبسرعة متناهية.
كما أن سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد حفظه الله وعبر ديوان سموه كثيراً ما يستجيب للناس ويقدم لهم المساعدات، وكثير من القضايا تم حلها دون أن تخرج للإعلام، غير أن المهم هو أن تتم الاستجابة للناس، وأن يسمع صوتهم، وليس مهماً أن تخرج في الإعلام بقدر أهمية الاستجابة للمواطنين.
تلقيت أمس أكثر من اتصال شكر من مستمعي برنامج «البحرين تصبح»، وقد أبدوا فرحهم بما طرحنا حول الاستجابة للمتصلين وسماع شكواهم، والتحقق من صحتها ومساعدتهم إن كانوا يحتاجون للعلاج أو نحوه من مساعدات إنسانية.
أتمنى من الأخ الفاضل وزير الإعلام أن يوجه لفتح المجال أمام سماع شكاوى الناس وعدم حجبها، خاصة إذا كانت حقيقية وليس فيها مبالغات أو تشويه لسمعة أشخاص، فهذا متنفس لأهل البحرين، ويجب أن يشعر المواطن بأن لديه مكاناً يلجأ إليه، خاصة أن مشكلة العلاج «مثلاً» يعاني منها أناس كثر لا يملكون قيمة العلاج المرتفعة بالبحرين أو خارجها.
فقد قيل إن إحدى الوزيرات فيما سبق كانت ترفض أن يفتح المجال للمتصلين لسماع شكاوى الناس، وكانت تلوم معدي ومذيعي البرنامج على فتح المجال للناس.
اليوم أعتقد أنه من الواجب زيادة ساعات البرنامج حتى يفتح المجال للناس ليسمع المسؤولين شكواهم، فحتى بعض الوزراء ربما يسمع شكوى لا يعلم أنها فعلاً تحدث في وزارته.
اتركوا مساحات للناس كيف تنفس عما في نفسها، فهناك من يمنع وصول بعض الشكاوى إلى قادة البلاد، أو يفلترها، أو يؤخرها حتى يموت من كان بحاجة للعلاج، وبالتالي لا تصل إلى قادة البلاد، ولو وصلت فعلاً لتم اتخاذ إجراءات فيها.
لا تقللوا من قضية السماع لحاجات الناس، هذه قضية حساسة، وهي في صلب موضوع التكافل الاجتماعي، لا تجعلوا بعض البسطاء يحملون في قلبهم على الدولة بسبب حاجتهم والتي لم يستجب إليها.
على وزراء الخدمات جميعهم أن يسمعوا للبرنامج وللصحافة، وعلى جهات أخرى مثل المؤسسة الخيرية الملكية أو مجلس المرأة أن يستمعوا لشكاوى الناس، فربما استطاعوا حل مشكلة مواطن أو مواطنة في أمس الحاجة للمساعدة.
أكبر صمام أمان للمجتمع هو أن تكون الدولة ضامنة للتكافل الاجتماعي، وتكون الدولة وقادة البلاد والوزراء هم من يذللون المشكلات أمام حاجات الناس.
من يظن أن هذا الموضوع بسيطاً فهو في وهم كبير، الاستجابة لقضايا الناس هي أكبر صمام أمان يحفظ أمن البحرين الاجتماعي، وأمنها في صورته الشاملة، لا تتركوا مشاكل الناس معلقة أو دون حل، فقد يأتي من يستغل حاجتهم ويعطيهم شيئاً مقابل أن يطلب منهم أموراً أخرى ضد الوطن.
أحياناً من لديه حاجة ويرى أن شخصاً أو جهة تريد مساعدته، وهو في أمس الحاجة للمساعدة، فقد يضع يده في يد الشيطان، فهو لا يرى في ذلك الوقت إلا حاجته الملحة والضرورية..!
** حوادث الاختطاف..!
نشر بالصحافة أمس خبراً حول اختطاف آسيوية من أمام منزلها في منطقة الجفير من قبل أشخاص وقاموا بالذهاب بها إلى عدة مناطق، والاعتداء عليها.
مثل هذه الأخبار كثيراً ما تستوقفني.. اختطاف في البحرين..؟
كيف يحصل هذا؟
للأمانة فإنني لا أعرف كم مرة قرأت مثل هذه الأخبار، لكنها أخبار مؤلمة جداً «هذه البحرين وإلا لاس فيغاس»..!
الخبر يقول إن البحث جار عن الفاعلين..!
هذا «واحنا» بلد صغير وهذا حالنا، حوادث اختطاف، واغتصاب، وحوادث اعتداء على عرض الأطفال، ألا يجب بحث هذا الموضوع؟
هل العقوبات غير رادعة؟ هل الأحكام غير رادعة ونحن في بلد لا يطبق شرع الله في الحدود، وفي جرائم القتل والاغتصاب؟
لماذا تزداد حوادث الاختطاف.. لا نعلم..؟!