التأمين الصحي كنظام عام يشمل الجميع مواطنين ووافدين نسمع ونقرأ عنه منذ أكثر من ربع قرن ولم يتحقق على أرض الواقع، كلما ارتفعت الأصوات مطالبة به ردت عليها الحكومة أو مجلس الصحة «في السنوات الأخيرة»: أبشروا قريباً سيبدأ التطبيق..
تطبيق ماذا، أي نظام، ما هو محتواه، ما هي كلفته، من هي الجهة التي ستشرف عليه، من الذي سيدفع اشتراك المواطن العامل والموظف والمقتدر والمتقاعد وغيرهم من الفئات، ما علاقة نظام التأمين الصحي بقانون التأمين الاجتماعي، هل سيكون المؤمن عليهم صحياً متساوين في أماكن ومبالغ العلاج، وبعبارة أخرى هل سيتيح النظام للمواطن الفقير والبسيط العلاج في مستشفى خاص داخل أو خارج البحرين، ومن يتحمل كلفة العلاج هذه؟
أسئلة كثيرة تعبنا من طرحها في الصحافة على مدى ربع القرن الأخير، ولم نجد إلا جواباً واحداً عليها هو قريباً.. في حين أن كل دول العالم تقريباً بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي قد طبقت التأمين الصحي بعد أن عرفته بعدنا بسنوات طويلة.
صحيح أن التأمين الصحي مطبق من قبل الشركات والبنوك على الموظفين وربما كذلك على كبار موظفي الدولة، لكن ما نطالب به ونحتاجه هو نظام التأمين الصحي العام والشامل لجميع المواطنين وللوافدين أيضاً والذين باتوا يستهلكون حوالي نصف ميزانية وزارة الصحة بعد أن تزايدت أعدادهم وأصبحوا يفوقون أعداد المواطنين.
النظام الصحي الذي ننتظر بزوغ نجمه في بلدنا الحبيب هو النظام الذي يشمل بمظلته كل إنسان ويمكن هذا الإنسان من الحصول على العلاج في أي عيادة أو مستشفى متوفر فيه ومهما كانت كلفته.
نظام التأمين الصحي المطلوب هو الذي تديره هيئة خاصة مستقلة عن وزارة الصحة وأماكن علاجها وعن العيادات والمستشفيات الخاصة، وبالتالي تستطيع أن تقيم مستوى العلاج وقيمته وكلفته، وتوافق على دفع الكلفة التي تضاهي نوع العلاج، وبالتالي يساهم التأمين الصحي بهيئته المستقلة وشركات التأمين المشاركة فيه في تحسين مستوى الخدمات العلاجية وجعلها تنافسية.