مظاهر الفرح جميلة ولا يوجد إنسان بالعموم لا يحب لغة الأفراح ولا المشاركة مع الناس في احتفالاتهم، فالإنسان بطبعه كائن اجتماعي، والبحرين وهي تمر في عيدها الثالث والأربعين تفنن شعبها الطيب منذ أيام، وشاركهم في ذلك أشقاؤهم الخليجيون، بأجمل مظاهر الفرح والاحتفاء، فقد أضحت البحرين خلال هذا الأسبوع قصة حب وفرحاً خليجياً مشتركاً يتقاسمه جميع أبناء دول الخليج العربي معاً، ولعل هذه الذكرى التي مرت بنا تعكس كيف أن هذه الأرض غالية على الجميع، وأن البحرين فعلاً دانة الخليج الثمينة التي وجب الحفاظ عليها وحمايتها.
كل المظاهر الجميلة التي عاشها الشعب البحريني خلال هذه الفترة بدءاً من فترة الانتخابات إلى احتفالات العيد الوطني تؤكد فكرة أن الله حفظ البحرين بفضله سبحانه وتعالى، ومن ثم دعوات أهلها وصلواتهم وأعمالهم الحسنة، وكل ذلك يروح بالفكر إلى أن حب الوطن لا يكون بالرقص فوق السيارات ونثر الزينة ورش الرغاوي بما يشبه الحرب بين الفتيات والشباب في شوارعنا؛ بل بنثر الدعوات في كل صلاة بأن يحفظ الله البحرين وقيادتها وشعبها ويديم عليهم الأمن والأمان ويبعد عنهم كيد الكائدين وشر الأعداء.
مرور أي ذكرى وطنية تعد تذكرة نافعة لكل مواطن بأن هناك واجباً ومسؤولية عليه وهو يرى الوطن في نعمة الاستقرار والأمن والأمان والمواطنين في مظاهر الفرح والسعادة والخير بالدعاء بشكر الله على هذه النعمة وحمده، وببذل أعمال الخير وإخراج الصدقات التي من شأنها أن تدفع أي بلاء يقدره الله لهذا الوطن العزيز، والإكثار من العبادات التي تحمل طاعة الله وعدم القيام بأي تصرفات قد تجلب غضبه وسخطه. فكم دولة فسقت شعوبها وتمادت في المعاصي والفجور فأغرقها الله في حروب أهلية طاحنة وابتلاها بأمراض وكوارث ومصائب، الله سبحانه حفظ البحرين من أكبر مكيدة تاريخية تمر بها منذ ثلاث سنوات فائتة وحفظ قيادتها وشعبها من أي انقسامات وفتن، وكل ذلك يستدعي أن يقدر البحرينيون هذه النعمة بالتقرب إلى الله أكثر لا نسيان نعمته بالعودة إلى مظاهر الفجور والمعاصي.
علموا أبناءكم والجيل الناشئ الجديد، أجيال مستقبل البحرين القادم في كل مناسبة وطنية تمر، أن استمرار حفظ البحرين يأتي باستمرار الحفاظ على العبادات وطاعة الله، وأن حب الوطن والتعبير عنه يأتي بالدعاء لله وحمده على دوام نعمة الاستقرار لا بالرقص ومعصيته ولا بالقيام بحركات حمقاء في الشوارع، فالفرح جميل ولكن الأجمل أن تعبر عن هذا الفرح برقي وتحضر، أن تكون زينتك أخلاقك ورقي تصرفاتك قبل أن تزين سياراتك ومنزلك وملابسك، أن تكون مواطناً بحرينياً يعكس تربيته وقيمه وعاداته فيجعل العالم يشيد بطريقة احتفالاته الراقية وهو يتابع ذكرى عيد بلاده، فكما إن كل إنسان وهو يخالط الناس يمثل اسم عائلته وتربية أمه وأبيه؛ فكذلك الوطن أنت كمواطن عندما تقوم بأي تصرفات فإنك لا تمثل نفسك فقط إنما وطنك واسم البحرين.
البحرين جمعت بحوراً من الطوائف والأديان والمذاهب والعائلات والتي يعود العديد منها إلى مسقط رأسها شبه الجزيرة العربية، البحرين قصة نجاح طائفي ووطني وشعبي وقيادي حتى مقابل دول تفككت وتقسمت حتى ما بين قياداتها، زينة البحرين الحقيقية ليست تلك الأضواء الجميلة التي تزين الشوارع ولا تلك اللوحات والبنرات التي تعبر عن حب الوطن والولاء للقيادة فحسب؛ إنما زينتها الحقيقية هي الشعب المتلاحم بكافة طوائفه وأطيافه في حب البحرين، وفي التعبير عن هذا الحب بالولاء والحب والطاعة، الزينة الجميلة المتشحة باللونين الأحمر والأبيض والتي عمت كل مكان من منازل وسيارات وملابس وحتى وجوه الأطفال البريئة التي كانت عنواناً للغة الفرح المشتركة بين جميع البحرينيين، الاحتفالات التي امتدت وشاعت في كل مكان لتصل حتى لأولئك المغتربين البعيدين عن أرض البحرين لكن البحرين تسكنهم ويعيشوا معها أجمل أعيادها وهم بالخارج عن طريق تنظيم الاحتفالات وتبادل التهاني، العديد من المنازل البحرينية تفنن أهلها حتى في ابتكار حلويات وكعك تحمل ذكرى هذه المناسبة الطيبة واحتفلوا في منازلهم مع عائلاتهم «بيمعة» العيد الوطني، حتى البر وأماكن التخييم لم تخلوا من جو الاحتفالات بالعيد الوطني، كل هذه الصور الوطنية جميلة تؤكد أننا شعب يعتز بوطنه وبقيادته ويتفنن في ابتكار الزينة و»حركاتها»، وجميعها تفضي إلى قناعة أن كل هذه المظاهر الجميلة نعمة من الله سبحانه، والنعم لا تدوم إلا بحمد الله وطاعته وتقديرها عن طريق بذل العبادات الصالحة لا التصرفات الطالحة.
بعض التجاوزات الخاطئة التي حدثت خلال فترة العيد الوطني والتصرفات الرعناء تؤكد ضرورة إيجاد تشريعات وقوانين تنظم مثل هذه السلوكيات وتضبطها، خاصة مسألة الرقص في الشوارع ورش الرغاوي على الناس، حتى لا تمر أية مناسبات وطنية على مملكتنا الحبيبة ونرى مثل هذه الفئات تفسد أفراحنا الوطنية وتسيء لصورة المواطن البحريني المسلم الراقي الملتزم أمام الأجانب والزوار، لندع الناس تفرح بأخلاقها وقيمها وبعاداتنا التي اعتدنا ونشأنا عليها، لندع الناس تفرح بلغة الوطنية المشتركة الجميلة البعيدة عن سوء التصرف وقلة الأدب، فما هكذا تورد الإبل يا شعب البحرين الطيب.
- إحساس عابر..
توحد أبناء الخليج جميعهم في المشاركة في احتفالات البحرين، وقد رأينا الكثير من أشقائنا الخليجيين وقد توافدوا إلى البحرين خلال هذين اليومين للاحتفال بالأعياد الوطنية، وقد تكون لفتة دولة الإمارات الشقيقة في تهنئة قيادة وشعب البحرين بعبارات مكتوبة على برج العرب لفتة أخوية جميلة تؤكد أن أفراحنا من أفراحهم وأفراحهم من أفراحنا، فشكراً لدولة الإمارات العربية الشقيقة التي منحت درساً إلى جميع دول الخليج بأهمية تزيين المعالم الحيوية في كل دولة خليجية بذكرى أعياد أشقائها من دول الخليج.