لسبب ما، وقبل تطبيق تمديد الدوام المدرسي على طلبة المرحلة الإعدادية، قامت وزارة التربية والتعليم بعمل استطلاع على موقعها الإلكتروني حول المؤيدين والمعارضين لهذا التمديد، وقد كانت النتيجة حاسمة جداً، حيث كانت نسبة المعارضين 100%.
المشكلة ليست فيما تقوم به الوزارة من حرص على جودة التعليم، ولكن كان الأحرى بها أن تسأل نفسها: هل المدارس مهيأة لهذا التمديد؟ هل الوضع العام يتحمل ذلك؟ في الواقع هناك عدة معوقات جعلت من تطبيق هذا النظام شيئاً ثقيلاً على النفس.
أولها حرارة الجو التي لا تسمح للطالب أن يبقى في المدرسة إلى هذا الوقت في عز الظهيرة، خاصة وأن المدارس أغلبها ليست مكيفة بالشكل الجيد وليست مظللة بالكامل، كما أن المدارس غير مهيأة من ناحية عدم وجود وجبة غذاء صحية يستطيع الطالب أن يعتمد عليها في غذائه، ولا يوجد مكان استراحة مهيأ للطلبة.
وأكبر من ذلك هو الاختناق المروري الكبير الذي يسببه هذا القرار، الأمر الذي سيجعل الطالب ينتظر ساعة إضافية حتى يعود إلى منزله، سواء برفقة ذويه، أو بالباصات غير المهيأة بالتكييف المناسب.
وبهذا الشكل فإن هذا الدوام الطويل يجعل الطالب ينتظر جرس انتهاء الدوام الدراسي بفارغ الصبر من أجل أن يهرب من هذا الجو المضغوط، وأنا على يقين أن 90% من الطلاب لا يستطيعون بعد هذا الدوام فتح صفحة واحدة وهم في المنزل.
إن ما تقوم به دول أخرى ليس بالضرورة أن يتوافق ويتناسب مع أجواء المملكة، كما أن الاهتمام بالكم لا يجب أن يكون على حساب الكيف، فلماذا لا يوجد تطوير حقيقي للمناهج والمدارس في المملكة في مضمون المناهج وطريقة العرض والشرح، إن النظريات التي يدرسها الطالب في كتابه تكون قد تطورت كل عام، فالتركيز على تطوير المناهج هو الأساس، فإذا كان المنهج قوياً سيكون الطالب قوياً.
ولا يجب أن يفهم من كلامنا أن وزارة التربية والتعليم مقصرة في هذا الجانب، بل على العكس إنها تبذل قصار جهدها لتطوير القطاع التعليمي بكل مراحله، إلا أن ذلك لا يمنع من توجيه النقد الذي نتمنى أن يكون بناءً في بعض المواضع التي نرى فيها قصوراً نوعاً ما.
إن الفرق بين المدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة، أن المدارس الخاصة تكون مكيفة بشكل جيد جداً مع توفير الطعام الممتاز والاهتمام بالطالب من جميع النواحي، علاوة على المناهج القوية التي تدرس فيها، الأمر الذي جعل من أولياء الأمور يتوجهون إليها حتى لو كان ذلك يؤثرعلى حياتهم المادية.
إن الحل يكمن في أن تقوم الوزارة بإعداد دراسة حول الأسباب التي أدت إلى أن تكون المدارس الخاصة أفضل من المدارس الحكومية بشكل عام، ومن ثم تدخل هذه المنافسة وتبدأ بالمرحلة الابتدائية.
إلقاء الأحمال على الطالب وتحميله ما لا يحتمل، والمعلم كذلك، يضر بالعملية التعليمية، ويضر بمخرجات التعليم، ويضر بنفسية الطالب والمعلم، لذلك لا يجب أن يؤخذ هذا الموضوع بمنظور واحد، بل هناك عدة محاور يجب أن تؤخذ قبل تطبيق مثل هذا القرار.