الطموح الثاني لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الذي يأمل تحقيقه من خلال إجراء الدراسة التي أشرنا لها يوم أمس هو تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وهو طموح قديم يعود إلى اليوم الذي تم فيه إقرار الاتفاقية الاقتصادية المشتركة قبل حوالي 33 عاماً والتي جرى تحديثها قبل 8 سنوات تقريباً.
فأهداف تلك الاتفاقية أغلبها لم يتحقق كلياً والبعض منها تحقق جزئياً والسبب الرئيس -في رأيي- يعود إلى فشل دول المجلس منذ البداية أو عدم رغبتها في تحقيق التكامل الاقتصادي في ما بينها على الرغم من حاجتها أكثر من أي مجموعة اقتصادية في العالم إلى إتمام تحقيق هذا التكامل.
فمجلس التعاون كما هو معروف قام بناءً على اتفاق بين القيادات السياسية لدوله الست نتج بعد اجتماعهم الأول في أبوظبي، وبالمقارنة فإن الاتحاد الأوروبي نشأ بناءً على اتفاقات بين قطاعات اقتصادية ومبادرات من القطاع الخاص، أي أن الاتفاقات والمؤسسات السياسية جاءت في مرحلة لاحقة للاتفاقات الاقتصادية الأهلية.
وبالتالي فإن الاقتصاد في دول مجلس التعاون ظل يخضع طوال 33 عاماً للسياسة، فإذا اختلف الساسة أو فترت العلاقات بينهم تجمدت العلاقات الاقتصادية ورجعت الاتفاقات الثنائية أو أكثر إلى المربع الأول، فإذا أضفنا لذلك فقدان القطاع الخاص لمكانته في إدارة الاقتصاد والمشاركة في اتخاذ القرارات الاقتصادية، لعرفنا بعد ذلك لماذا لم يتحقق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.
من المفارقة أن التكامل الاقتصادي بين دول الخليج العربي كان موجوداً وفي حالة نمو وازدهار في العشر سنوات السابقة لقيام مجلس التعاون، وهناك الكثير من الشركات الصناعية والمالية والخدمية الخاصة والمساهمة العامة التي أسست من قبل أصحاب الشأن والاختصاص في هذه الدول وعملت على خلق التكامل في القطاعات الخاصة بها، ووجد أبناء هذه الدول أنفسهم يعملون في سوق خليجية مشتركة حقيقية، غير السوق الوهمية الحالية.
وحبذا لو تضمنت الدراسة التي يعدها اتحاد غرف التعاون تلك المرحلة، وبالتحديد ظاهرة إنشاء الشركات المساهمة على مستوى الدول الست كأفضل وسيلة نجحت في تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي والتكامل والتعاون على مستوى القطاع الخاص في هذه الدول.