«أستغرب كيف أنكِ ترهقين نفسك وتهدرين وقتك، في تنفيذ تلك الدراسة، فيما هناك كثير من المكتبات والأساتذة الجامعيين يقومون بالمهمة بدلاً عنكِ ببضعة مئات من الدنانير.. فقط أخبريهم بعنوان الرسالة وسيقدمون لك بحثاً تحصلين به على درجة الماجستير».. لا أبالغ بالقول إن تلك الكلمات تتردد على مسامعي أسبوعياً وربما تتكرر في أسبوع واحد بعض الأحيان.. ورغم تكرارها الذي يوجب عليّ الاعتياد والتأقلم مع الأجواء العامة المحيطة، إلا أنها مازالت تستفزني في كل مرة.. وتحفزني لطرح سيل من الأسئلة لا ينتهي.
أتساءل ما جدوى حصول أحدنا على شهادة عليا لم يكتسب معها من العلم شيئاً؟! ما موقف الحاصل على شهادة عليا لا يفقه حتى تلك التفصيلات التي جاءت في رسالته أو أطروحته، ولا يقدر حتى على تبرير ما ساقه وما استبعده عنها؟!
أتساءل.. ألهذه الدرجة أصبحت الشهادات «بريستيجاً» يمكن تحقيقه بتلك البساطة؟ ألهذه الدرجة أصبح العلم يباع ويشترى ويمنح ويهدى.. شأنه شأن قطع الملابس والعطور والمجوهرات والسيارات؟!
أتساءل.. أيعقل أن ترخص الجهات المسؤولة بعض المكتبات وتتغاضى عن المتاجرة المبتذلة في العلم؟!! أيعقل أن تباع البحوث العلمية وتشترى على مرأى ومسامع الجهات المسؤولة.. وكأن شيئاً لم يكن؟!! ترى.. أيمكن أن نسمع أيضاً عن حماية حقوق المستهلك في مجال بيع البحوث العلمية لضمان جودتها ورصانة منهجيتها؟!
أتساءل.. أتوزع الدولة مناصبها ووظائفها حسب تلك الشهادات التجارية؟! وهل تتطلع الدولة لإنجاز ما يتحقق على أيدي تلك الكفاءات الوهمية الكاذبة؟!
أتساءل.. أين دور الجامعات في التحقق من سلامة البحث وتطابقه مع قدرات الطالب وإمكاناته؟ وأين الجامعات من جدية المناقشات التي نراها في دول أخرى حتى تكاد أن تنهار قوى الطالب لصلابتها وشدتها؟! وأين الجهات المسؤولة بالدولة من ابتعاث متخصصين لحضور المناقشات التي تجريها الجامعة لمنح الدرجة العلمية؟
نبض:
لعل البحث العلمي.. يعد واحداً من القضايا التي حققت تكراراً لافتاً في مقالات سابقة كثيرة لي، فهل انعكس ذلك الاهتمام على الجهات المسؤولة في الدولة؟! هل لاقى ذلك الموضوع اهتماماً جدّياً من قبل الحكومة بما يمكنها من الارتقاء بمستوى نشاطها العام في الدولة وعلى كل الأصعدة؟! لست أدري.!!