بعد أن رسمنا صورة واضحة لسوق العمل، وتعرفنا على أماكن الخلل في هذا السوق وعلى رأسها خلل وصول عدد العمالة الأجنبية إلى حوالي 6 أضعاف العمالة البحرينية، واستمرار استحواذها على أكثر من 90% من الوظائف الجديدة التي يخلقها القطاع الخاص كل عام.
والخلل الآخر الذي يدفع القطاع الخاص إلى تفضيل توظيف الأجانب على حساب البحرينيين يتمثل في الإحصائية التي أشارت إلى أن هناك 334 ألف أجنبي يتقاضون رواتب أقل من 200 دينار مقابل 4227 بحرينياً، فإذا أضفنا لهؤلاء حوالي 120 ألف من العمالة الأجنبية السائبة والذين يتقاضون رواتب أو مداخيل أقل من 200 دينار لعرفنا لماذا تزداد أعداد العمالة الأجنبية بصورة مضطرة، وهو ما يعني كذلك زيادة كلفة العامل الأجنبي، فما حدث هو العكس.
ومن هنا فإن الحلول التي يمكن استخلاصها من اختلالات سوق العمل والتي يمكن اقتراحها لإصلاح هذا السوق وقلب المعادلة الحالية فيه هي:
- دمج ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وهيئة صندوق العمل «تمكين» في وزارة واحدة هي وزارة القوى العاملة، أسوة بالدمج الذي حدث بين هيئة التأمينات الاجتماعية وهيئة صندوق التقاعد الحكومي، فهذا الدمج بين الجهات الأربع سيساهم في التخطيط للقوى العاملة البحرينية وضبط توظيف واستقدام العمالة الأجنبية وتوحيد الميزات والأجور بين العاملين في القطاعين العام والخاص وتوفير الكثير من المصاريف المهدرة في الوقت الحاضر بين هذه الجهات، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.
- وضع حد أدنى للأجور يشمل جميع العاملين في المملكة بدون استثناء ويأخذ في الاعتبار متطلبات مستوى المعيشة ومتغيرات مؤشر حماية المستهلك وميزانية الأسرة التي يتطلب العمل على وضعها من جديد بعد أن مضى على وضع آخر ميزانية أسرة أكثر من 20 سنة، مما يعطي انطباعاً بأن الحكومة ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية تتحاشى وضع ميزانية للأسرة خوفاً من أن يؤدي وضع هذه الميزانية إلى معرفة الحد الأدنى للمعيشة بالنسبة للأسرة البحرينية وبالتالي يطالب العاملون البحرينيون برفع رواتبهم إلى المستوى الذي تبينه الميزانية ويغطي تكاليف معيشة الأسرة.
غير أن وضع حد أدنى للأجور على أهميته وضرورته لابد أن يسبقه تحديد خط الفقر في البحرين ووضع ميزانية للأسرة كما أسلفنا، فمعرفة هذا وذاك يقود إلى معرفة ومن ثم تحديد الحد الأدنى للأجور، غير أن الملاحظ مع الأسف أن الحكومة لا تريد وضع أي من المؤشرات الثلاثة خوفاً من إلزامها بزيادة الأجور.