سؤال يحمل إجابات بعضها قد يكون صادماً يبعث على الدهشة، لكن طبعاً إن كنا نتحدث عن هذا النوع من الإفلاس، أي الإفلاس المادي.
لكننا هنا نتحدث عن أبشع أنواع الإفلاس، ذلك الذي يدفع بصاحبه لإباحة كل شيء، لاجتراح كل سيئ، لتحليل كل جريمة، لتطبيق مبدأ «الغابة تبرر الوسيلة» بأقذر الأساليب المستخدمة.
نتحدث هنا عن «الإفلاس السياسي»، والذي بان واضحاً في الآونة الأخيرة وبدأت شروره ومساوئه تطفو على السطح.
الوفاق «مفلسة» أساساً، هي مفلسة في رصيدها الوطني في مقام أول، فالوطنية لا تعني تقسيم البلد طائفياً، ولا تعني الاستعلاء على النظام والقانون، ولا تعني تهديد الأمن القومي، ولا تعني حض الناس على كراهية بلادهم، إما برضاهم أو غصباً عنهم، لا تعني بيع الوطن لجهات خارجية، ولا تعني القبول بحرقه وتخريبه واستهداف الآمنين فيه.
كل هذا فعلته الوفاق، وكلها أمور موثقة بالأدلة والشواهد، ومن ضمنها أفاعيل لو حصلت في دول أجنبية، بل لو حصلت في إيران حبيبة قلوبهم ومقر مرجعيتهم الولائية لكان جزاؤهم الويل والثبور.
لكن الإفلاس الحالي، نعني إفلاسهم «السياسي» يمثل أدنى مستوى وصلت إليه الجمعيات الانقلابية، إفلاس أدى لحالات سعار واضحة، بات الضرب يمنة ويسرة، والاتهامات التي وصلت لمستوى تلفيق الكذب وطرح الفبركات من جديد، وبلوغ أدنى مراتب الأخلاقيات السياسية عبر ترويع الناس وتهديدهم بكل «عين قوية» وتبرير العنف.
أفلست الوفاق تماماً هذه المرة، وبات حراكها محصوراً بين استجداء الغرب والبكاء عنده، وبين تهديد الناس وترويعهم فإما أن يقدموا فروض الولاء والطاعة وألا يخالفوا الكلام والفعل أو ملاقاة الويل والثبور، وها نحن نرى طريقة الانتقام الممارسة بحق كل من يقول للوفاق بأنها «لا تملك ناصيته» و«ليس من حقها التحكم في إرادته».
وبعيداً عن وضع المفلسين سياسياً الوفاق وأذيالها، الفاشلين أصلاً في المناورات الدبلوماسية وفي لعب سياسة بأسلوب الكبار والمحترفين، نقف احتراماً وإعجاباً بشجاعة عديد من المرشحين الذين لم ترعبهم تهديدات غوغاء الوفاق ولا إرهاب العناصر التي تجدونها دائماً حاضرة خطب رأس التحريض ومسيرات الجمعية الإنقلابية.
تحية تقدير لشجاعة هؤلاء المرشحين، لإصرارهم على المضي قدماً فيما أعلنوا خوضه بـ»وجه مكشوف» وبـ«أسماء صريحة وواضحة»، وبدون «تخفٍّ» وبدون «لبس براقع» في وسائل التواصل الاجتماعي. هؤلاء أشخاص لهم إرادة حرة، يمتلكون شجاعة بأن يقفوا في وجه جمعية (لم تكتفِ باستعباد جمعيات كومبارس أخرى) بل حاولت استعباد إرادة الناس، امتلكوا الشجاعة ليقولوا لهم «إلى هنا وكفى»، فلا أحد يملك الحق في مصادرة حقوقنا، حتى الدولة لن تفعل ذلك وتصادر حقوق الناس، فما بال جمعية -لا تقوى على جمع أعداد أعضائها ليكملوا الحد الأدنى من نصاب عموميتها- تستمر في إساءتها للناس بإدعاء أنها الوصية عليهم.
المرشح حسين الحمر الذي تعرض للتهديد وتخريب ممتلكاته قال: «هؤلاء أضعف من الوقوف أمام عجلة التغيير»، والمرشح جعفر العصفور قال وأصاب في مقتل إنه يحترم رأي المقاطعين لكن عليهم احترام وجهات نظر الآخرين، إذ عليهم الإيمان بتعدد الآراء وعدم إقصاء من يخالفهم.
الوفاق «يجن جنونها» حينما يقف أحد ليخالفها الرأي والموقع، هي تدعي كذباً أنها مؤمنة بالحرية وتدافع عن تعدد الآراء والاختلاف، لكنها تسقط بسهولة لدى أول اختبار حقيقي، وما حصل في حادثة العضو الوفاقي بونبيل الذي رشح للبرلمان، فهددوه عرى الوفاق وكشفها على حقيقتها للكثيرين. يجن جنونهم حينما تختلف معهم المكونات الأخرى بالتالي اخترعوا توصيات «المرتزقة» و»البطلجية» و»أتباع النظام» و»الموالاة» و»معسكر الحسينيين واليزيديين» في أقبح وصف طائفي صدر عن رأس التحريض لديهم، فما بالكم حينما يكون أصحاب الاختلاف هم من نفس المذهب والطائفة التي يدعون أنهم الأوصياء عليها؟!
اصحوا يا وفاق، فليس الجميع معكم، ليس كل الشيعة معكم، وأعداد ضئيلة جداً من السنة لا يعني بأنه انقلاب سني شيعي. اصحوا فإفلاسكم بان واضحاً ويبعث على الشفقة، حالكم كما حال القط الذي أكل السم وأخذ يتلوى، ومع ذلك يريد أن «يخربش» أي شخص لا يعجبه.