كل أشجار التواريخ لها موسمها
تذبل في الوقت وتمضي
بعد أن تكسر في داخلها كل مشاوير الحراك
كل نفس ولها موعدها
للعودة الكبرى إلى بيت السموات
وبدء الرحلة الأخرى هناك
أيها الراحل عبد الله عن عيني وأرضي
كيف لي أن التقي بالصوت والصورة
يا من زرع الخطوة للحورة
ألقاك كما كنت قديماً
في زوايا شرفة المقهى
أو الحانة
أو في رجفة الحرف المنامي أراك.
واقفاً مثل السؤال
تسحب الحلم وتسقيه عراجين سناك
يا صديقي في الصبا الأول
عبدالله خليفه
يا ندى (اللينات)
يا صوت مواويل السعفْ
ربما تذكر أياماً زرعناها على بحر القضيبية
كان الوقت طفلاً
ينظر (العين) التي لم تتوقفْ
عن أغانيها وكنا
ل ( الكرنيلة) نمشي كالسؤالات
ونصطاد السراطين لكي نطلقها في الماء البعيد
وكبرنا وتباعدنا وعدنا
مرة أخرى لحلم الفقراء
اتفقنا حول (جوركي) في انتماء الأم للأرض
وأيضاً اتفقنا
في روائي الداخل في نفسية الإنسان
أعني دوستوفسكي
واختلفنا في نوايا (مايكوفسكي)
ابتعدنا والتقينا
أجل أن نخلق وقتاً أممياً
تسبح الفرحة في شطآنه صبح مساء
التقينا
نجمع الغيمة في الكلمة
نعطي السجن معناه
نغني لسرور
(نحن حبات البذار
نحن لا ننجو جميعاً
حينما يأتي الربيع
غير أنا كلنا لسنا نموت)
آه عبدالله.. لماذا
قبل أن تنهي مشاريعك
في الدنيا تموت
ليغطي حلمنا الطفلي إعصار السكوت
أنت في الرحلة للعودة كالأنهار تجري
تاركاً كل محبيك
يشتاقون للأسئلة الكبرى التي
ليس لها صوتٌ سواك
للقصبية عبدالله أن تبكي
كما تبكي الينابيع إذا جفت خلاياها
ولم يبق من الماضي عشيش أو بيوت
أنت تمضي لبساتين سماك
ربما في قادم الأيام لن نقدر عبدالله نراك
إنما ثق يا صديقي
أن أيامك ما كانت سوى زرع الزهور
سوف تبقى في أراضينا
وفي أحلى أغانينا وفي قلب المحبين
كما يبقى صدى الناي بروح الكون
أو تبقى على الأرض حكايات العطور.