تمثل رؤية جلالة الملك المفدى، منهجاً سامياً ومشروعاً إصلاحياً عظيماً، ولذلك فإن التوجيهات الملكية السامية من لدن جلالته – حفظه الله ورعاه – هي قائدنا الوطني الأول، وملهمنا الأسمى الذي يخطو بنا نحو التميز والارتقاء والنماء والإبداع في مملكة البحرين، ولطالما تناولت تلك التوجيهات الرائدة ضرورة إعداد الخطط والبرامج التي تسهل عملية إيصال صوت الشباب إلى جميع المسؤولين، الأمر الذي ترجمه بتفرد المجلس الأعلى للشباب والرياضة في مختلف برامجه وأنشطته، ومورست في مجاله بعض الأنشطة من قبل كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية على استحياء، فضلاً عن دور بعض المنظمات الأهلية، وخصوصاً المعنية بالشباب.
وبرأيي، فإن من أفضل الطرق التي تتيح فرص إيصال صوت الشباب في الداخل والخارج، والتعبير عن أفكاره وقضاياه، وتمكينه من التواصل الصحي والمسؤول بما يتيح مزيداً من الفرص لتمثيل المملكة من قبل أبنائها الشباب، هو ظهور المؤتمرات الشبابية الطلابية على وجه التحديد، والتي تعمل على الارتقاء بفكرهم وطاقاتهم إلى مستويات عالية، ولمزيد من التنافسية والانفتاح فيقترح أن تبدأ تلك المؤتمرات بالمستوى الخليجي انطلاقاً إلى العالمي، بمعزل عن المحلية.
إن ظهور مؤتمرات طلابية خليجية سنوية تستهدف طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية على وجه الخصوص، من المدارس الحكومية والخاصة، ينمي بلا أدنى شك، مهارات مختلفة في الطلاب، لا سيما إن تولوا مسؤولية المؤتمرات كاملة في جميع المجالات، بما يمكن فرقاً مختلفة منهم من اكتساب مهارات كالتنظيم والإدارة والتغطية الإعلامية ومهارات التعامل مع وسائل الإعلام، وجانب من إدارة الميزانية والحسابات فضلاً عن المواد العلمية وإعدادها في مجالات مختلفة، تعد سنوياً، يناقش من خلالها الطلاب قضاياهم، ويسهم ذلك أيضاً في رفع الرصيد الثقافي لدى الشباب وتنمية مهارات التفكير العلمي. ويمكن لتحقيق تلك الأهداف إعداد وتهيئة الطلاب قبل ذلك بإخضاعهم لتدريبات مكثفة من خلال عدد من الورش في مجال إعداد ورقة العمل البحثية بمساعدة ودعم من المتخصصين، فضلاً عن التدريب على آليات تقديمها.
ولعل من أهم الجهات المرشحة لمثل هذه المشروعات في الدولة تلك المعنية بهذه المرحلة العمرية بوجه عام كأن تتبناها وزارة التربية والتعليم أو وزارة التنمية الاجتماعية أو المؤسسة العامة للشباب والرياضة. أو تتبناها جهات أخرى بصفة خاصة في مجال قطاعها واختصاصها نحو معهد البحرين للتنمية السياسية، والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الأعلى للمرأة، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ولعل التعويل على الأخيرة أكبر نظراً لكونها اختصاصاً ومجالاً جديداً على المنطقة وبحاجة لمزيد من التعريف به.
إن تطبيق مشروعات كهذه من شأنها أن تمنح الطلاب مزيداً من ثقافة التعبير عن الرأي والاستفادة من الحرية والثقة الممنوحتين من قبل جلالة الملك المفدى لشعبهم، كما من شأنها أن تؤسس في سنٍ مبكرة كوادر قادرة على الدفاع عن المملكة ومكتسباتها، والذود عنها في كل الميادين وفي شتى الظروف. فضلاً عما سيكون لمثل هؤلاء الشباب من أدوار حقيقية في تطوير المملكة بالنقد وتقديم المشروعات والأفكار والأطروحات، إلى جانب الجد والعمل والذين لا يمكن التمييز فيهما لولا تحقيق الذات، الأمر الذي سيسهم فيه بشكل كبير عدد من المشروعات كالمؤتمرات الطلابية وما شابهها. أيضاً يتيح ذلك فرصة حقيقية للطلاب لاكتشاف مهاراتهم وإمكانياتهم وميولهم بما يحدد تخصصاتهم العلمية للمستقبل والوظائف التي يطمحون إليها، كما يسهم في إتاحة الفرصة للمؤسسات لاقتناص الكفاءات والقدرات الطلابية العالية لتبنيها في مجالات معينة والاستفادة منها لمنح البحرين مزيد من الثقل بكفاءاتها اللافتة في كل التخصصات.