ما تكشفه الجهات الأمنية يوماً بعد يوم يعكس ضخامة المؤامرة الانقلابية على مملكة البحرين وأبعادها الإقليمية، ولعل ذلك يبرهن عدد المتورطين في اقتباس مشروع تفجير القنابل المحلية الصنع وتفخيخ المناطق وتدريب وتحريض الشباب والأطفال والتجنيد السري، الذي تم لأجل تحقيق سيناريوهات مشابهة لما يحصل في العراق ولبنان؛ فبديهياً قنابل ومتفجرات على هذا المستوى تحتاج لخبراء ومتخصصين في مجال التصنيع والتفخيخ.
هناك عدة مؤشرات تكشف المتورطين وقادة المشروع الإرهابي، والمعطيات والشواهد في هذا كثيرة، لعل أبرزهم المسؤول الأول عن عملية تفجير القنابل المحلية الصنع «الحوري» الفار من العدالة منذ عام 2011 والمقيم في برلين حالياً، والذي درب مع آخر لبناني الجنسية -أحد كوادر حزب الله المتخصصين في تخريج أفواج المقاتلين المدربين على السلاح وصنع العبوات والمتفجرات والمناورات العسكرية في مجال حرب العصابات وخوض حرب الشوارع- 417 بحرينياً على سلاح الكلاشنكوف والعبوات المتفجرة وتصنيع الأسلحة تمهيداً لقلب نظام الحكم.
هذه الكوادر التي لا تزال حرة طليقة تقوم بتفخيخ المناطق ودس القنابل وتفجيرها هدراً لدماء الأبرياء، فبديهياً أن هناك شخصاً مكلفاً بمتابعة التدريب ويعمل كمعاون لهم بعد أن فر الحوري إلى الخارج، والتساؤل الآخر الذي تكشفه تحركاته وتصريحاته التحريضية ضد النظام؛ ما هي خطوات الدولة الاستباقية للتصدي لمخطط الانقلاب المسلح المؤجل إلى منتصف عام 2014 وتحديداً بين شهري أبريل وأغسطس؟ ما خطواتها ضد تجنيد الشباب المستمر والتغرير بهم؟
لا تزال أنشطة الحوري الإرهابية ومؤامرته مستمرة، مدعوماً بعدد من الحسابات الإرهابية التي لا بد من إيقافها لأنها تعتبر أحد أذرع الحوري التي تدعم الحراك الإرهابي وتحشد الناس، وبعد إيقافها لا بد من مساءلة أصحابها وفضح هويتهم.
الحوري يعتبر خلية إرهابية انقلابية نائمة منذ سنوات، ورغم ثبات تورطه في المشروع الانقلابي خلال التسعينات، فقد كان منذ صغره يتلقن دروساً حول كيفية تأسيس ولاية الفقيه على يد أحد أعضاء تيار الوفاء، والمحكوم عليه بالسجن مدة 15 عاماً في قضية مؤامرة قلب نظام الحكم.
الحوري هذا جاء بمشروع القنابل المحلية الصنع بعد تدربه في معسكرات العراق ولبنان على يد الحرس الثوري وحزب الله اللبناني لتطبيقه على أرض البحرين، وللتعجيل بجر البحرين إلى ساحة حرب طائفية، ويدير حالياً خلايا انقلابية وإرهابية نائمة لا تزال موجودة في البحرين وتعد أذرعه الإرهابية الخفية، فهو المسؤول عن كل قطرة دم سالت من رجال الأمن جراء انفجار القنابل المحلية الصنع والمولوتوف، وجراء تدريبه للشباب على القتال والأسلحة، فما هي خطوات الدولة لإيقاف أذرعه الإرهابية المندسة بيننا؟ هل تتابع أجهزتنا الأمنية دروسه التي تبث على الهواء مباشرة؟ هل تابعت مشاركته في الندوة التثقيفية عبر برنامج «سكايبي» من ألمانيا في كيفية تنفيذ خطوات العصيان.
سؤالنا الآخر؛ أين كانت أجهزتنا عن مخططاته وهو يدرب الشباب ويجندهم لأجل قيادة مؤامرة قلب نظام الحكم وصنع القنابل وتفخيخ المناطق الحيوية؟ ألم تصل صوره وهو يحمل السلاح ويتدرب مع عناصر حزب الله أو وهو جالس مع مؤسس جيش المهدي الداعي لـ«تطهير» العراق من أهل السنة؟
الحوري أحد قادة الخلية الإرهابية «سرايا الأشتر» وقيادي في ائتلاف تنظيم تمرد البحرين أبريل 2013، تولى زمام مكتب التضامن البحراني ببغداد، والذي فوضه من خلال رسالة رسمية للتحدث باسمه في وسائل الإعلام وتمثيله في النشاطات السياسية الداعمة للإرهابيين.
وكان ظهر في حوار تلفزيوني على قناة «المسار» العراقية بمشاركة آخرين للحديث عن أحداث البحرين و«قبضة الثائرين» بتاريخ 24 يناير 2012، حيث قال عما إن كان سيظل أسلوب الثائرين مستمراً؛ إن الهجمات الإرهابية لقبضة الثائرين ردة فعل طبيعية وسلوك إنساني و«واجب ديني»، قال ذلك وهو يظهر على الجانب الأيسر من الشاشة فيما الجانب الأيمن يعرض لقطات ومقاطع للعمليات الإرهابية وعمليات الحرق والتخريب التي تتم في شوارع البحرين.
عندما تم سؤال «الثلاثي» عما إن كانت ستبقى مواجهات المولوتوف سلمية أو ستتنقل إلى المواجهات المسلحة، قالوا؛ إن ما يفعلونه حق مشروع بالأساس، وكأن هناك تلميحاً خفياً عن انقلاب مسلح، كما ذكروا إن الإرهابيين لا يطالبون بإصلاح النظام بل بإسقاطه.
عمل الحوري الحالي ليس الخروج على الفضائيات التحريضية ضد البحرين وتشجيع الشباب على استمرار رمي المولوتوف على الشرطة والتصادم معهم فقط؛ بل متابعة كيفية تفخيخ المناطق الحيوية وتفجيرها بالقنابل عبر برامج التواصل الاجتماعي كبرنامج السكايب.
سؤال آخر؛ طالما تم اكتشاف أن معاونه اللبناني في التدريب قد دخل البحرين تحت تأشيرة عمل لشركة تتبع أحد متنفذي المجلس العلمائي، فهل بادرت الدولة بكشف هذا المتنفذ وفضح نشاطاته وإيقافه أو تجميد شركاته وحساباته، ومن ثم معرفة العناصر الإرهابية النائمة الأخرى المدسوسة بيننا بتأشيرات مهنية؟ والسؤال الأهم؛ كم متنفذاً وتاجراً آخر دس في مجتمعنا عناصر إرهابية من الخارج مستغلاً هذه التأشيرات؟
كما نطرح سؤالاً آخر: طالما الجهات الأمنية لدينا كشفت أكثر من مرة أن ما يحدث من عمليات إرهابية لها ارتباطات خارجية، وأن التدريبات تتم في معسكرات الحرس الثوري الإيراني، وأن المتفجرات التي تم ضبطها مصدرها العراق ولبنان وسوريا؛ فلمَ لا يطلب الحوري عن طريق الإنتربول لمحاكمته جراء شلال الدم الجاري من رجال الأمن؟
لمَ لا تتابع هذه الجهات ما ينشره مكتب التضامن البحراني على موقع التواصل الاجتماعي، والذي تموله إيران بحماية من مقتدى الصدر شخصياً ويترأسه الحوري، فهذا المكتب يعد شاهداً آخر على أنه مؤسس مشروع اقتباس صناعة القنابل المحلية من لبنان والعراق، ويبرهن تورط إيران في تمويلها للإرهاب.
- إحساس عابر..
بعض وجوه قادة الإرهاب والمتآمرين على تسهيل تسلل العصابات الإرهابية كانوا ضمن قائمة المقبوض عليهم لتورطهم في أحداث التسعينات، ورغم كل ما فعلوه من إرهاب في تلك الفترة إلا أن الدولة انتهجت مسلسل العفو معهم لإعادتهم إلى البحرين مجدداً، والمتتبع لأعضاء الخلايا الإرهابية يكتشف أن التاريخ يعيد نفسه كونهم استغلوا حسن نية الدولة لإدخال الأسلحة والعناصر الإرهابية، مما يؤكد أن «بوطبيع عمره ما بيجوز عن طبعه»، وهناك حاجة ضرورية اليوم لاستئصال هذا الورم الإرهابي وإحكام القبضة الأمنية بحزم من قبل الجهات المعنية لقطع طريق عمليات التفجير المستمرة، ويكفينا تكرار سيناريوهات الماضي.