لعل أبرز ما يلاحظ على تشكيل الحكومة الجديدة هو الاقتصاد في المصروفات، ويتضح ذلك من تقليص عدد الوزارات، ومن دمج وزارات أخرى ومن إلغاء أو تحويل وزارات إلى هيئات، وهي كلها تطويرات رغم محدوديتها إلا أنها تصب في الاتجاه الصحيح من حيث تخفيض المصروفات العامة، وتحقيق الكفاءة وزيادة الإنتاجية في القطاع الحكومي.
وبالعودة إلى الميزانية العامة للدولة التي تصرف منها الوزارات والهيئات والإدارات وبالتحديد المصروفات المتكررة نجد أن الميزانية الحالية (2013 – 2014) قدرت الإيرادات العامة (النفطية وغير النفطية) للعامين بمبلغ 5 مليارات و 578 مليوناًو 197 ألف دينار في حين قدرت المصروفات المتكررة فقط للعامين بمبلغ 5 مليارات و 908 ملايين و131 ألف دينار، أي أن المصروفات المتكررة تفوق إجمالي الإيرادات العامة للدولة بحوالي 400 مليون دينار.
وبدون الدخول في التفاصيل فإن مصروفات الباب الأول في الميزانية وعلى الأخص رواتب الوزراء وكبار الموظفين والمستشارين هي التي تشكل العمود الفقري في المصروفات المتكررة، وأن أي خطوة تتخذ باتجاه تقليص عدد الوزارات والاستغناء عن وزراء ومستشارين وكذلك تغيير وإلغاء مناصب الوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء الذين أمضوا مدة طويلة في أماكنهم وأثر ذلك على أدائهم وإنتاجيتهم ونزاهتهم أحياناً، كل هذه الخطوات من شأنها أن تخفض المصروفات وتزيد الإنتاجية وتحقق الشفافية.
فالوزير في الدولة الحديثة ليس أكثر من مشرف على تنفيذ السياسة العامة للدولة، والوزارة هي عبارة عن مؤسسة تعمل بنظام المؤسسات، والمواطن أو المراجع وفق هذا النظام لا علاقة له بالأشخاص سواء كانوا وزراء أو موظفين عاديين صغار، علاقته بالنظام الذي يبين له حقوقه وواجباته، والذي بإمكانه أن يتعامل معه من خلال مكاتب البريد أو الحكومة الإلكترونية.
ودولة المؤسسات التي نحن بحاجة إليها المراجع لا يعرف فيها اسم الوزير أو الوكيل أو غيرهما ولا يحتاج لطلب مقابلتهما، لكن هذا النظام يحتاج أيضاً إلى الشفافية في المعلومات والمصروفات وإلى العدالة والصرامة في تطبيق القانون، وإلى الحرص على تقليل المصروفات وعدم تبديد المال العام، والميزانية العامة ومصروفات الوزارات لا تخلو من هذا التبديد.