حين تعيش في بلد توجد فيه أفضل القوانين والتشريعات، لكن الكثير منها لا يطبق فعلياً؛ فماذا تقول..؟
أليس التطبيق منوطاً بالجهات التنفيذية، وهي الوزارات والوزراء؟
من الذي يجب أن يطبق القوانين؟
أليس الإخوة الوزراء؟
حين تكتشف مثلاً أن هناك عقوبات ضد الإخلال بأنظمة المرور، لكن أيضاً تكتشف أن الإشارة الحمراء في كثير من المناطق لم تعد تعني شيئاً، من ثم نقول: «نحن كنا أفضل بلد في النظام والأخلاق في المرور»، والفعل كما تلاحظون الماضي، التعويل على الأخلاق لن يحقق الالتزام بالقوانين، ناهيك عن انحدار أخلاق السائقين إلى مستوى متدنٍ، تطبيق القانون بصرامة على الجميع يجعل الجميع لديهم أخلاق رغماً عنهم.
لا أحب أن أضع أمام القارئ صورة تشاؤمية، لكن الواقع كذلك، فإما أن نأتي بخبيرة مكياج، وإما أن نجعل الصورة تتكلم عن نفسها، وأنا لا أحب المكياج، والماء قد يكشف لك المستور، فمن بعد الصورة الجميلة تشاهد وجهاً به أخاديد وأودية وشعاب مرجانية، وصخور بركانية..!
في وزارتي الصناعة والصحة وربما البلديات، هناك أزمة مفتشين، وأزمة رقابة على الأسواق وعلى المطاعم وعلى الأسعار، وبالتالي الكل يعرف أن الرقابة ضعيفة، فيقوم بعض التجار بنهش لحم المواطن ويتلاعب بالأسعار..!
أترك هذه الوزارات، رغم أن البلديات معنية في ما هو آتٍ، فقد ذكر في اجتماع لمجلس بلدي الشمالية مع بلدية الشمالية أمس الأول أن عدد أبراج الاتصالات غير المرخصة في المحافظة ذاتها يبلغ 181 برجاً غير مرخص..!!
هذا في محافظة واحدة، وليس في كل البحرين، وعدم ترخيص الأبراج يعني ضياعاً لمستحقات مالية للدولة، إلا إذا كان ترخيص الأبراج مجانياً، فذلك أمر آخر.
والسؤال هنا، حين يتم الترخيص للأبراج، هل تؤخذ قيمة الترخيص بأثر رجعي؟
أذهب الآن إلى كلام وكيل وزارة البلديات في مجلس الشورى أمس الأول، فقد قال الأخ نبيل أبوالفتح إن هناك 40 ألف شقة سكنية في محافظة واحدة غير مسجلة..!!
40 ألف شقة غير مسجلة.. وفي محافظة واحدة؟
كم عدد الشقق غير المسجلة في كل البحرين إذاً؟
أليس هذا ضياعاً لإيرادات للدولة ويجب أن تستحق، وهذا إخلال بالقانون وبتطبيق القانون بالرقابة على المباني والشقق؟
هل يعقل أن هذه المعلومات وهذه الأمور تجري في دولة صغيرة مثل البحرين؟
هل الوزراء يذهبون إلى مكاتبهم لأكل «النفيش»؟
والله لا أعلم ماذا أقول سوى أن هذه مهزلة حقيقةً..!
المعلومة الأخرى الصادمة والحديث دائماً عن تأخر المعاملات، وتأخر الإجراءات على جسر الملك فهد، والحديث عن عودة أزمة الشاحنات، فقد صرح الرجل الفاضل الأخ الشيخ محمد بن خليفة أمس الأول بمعلومات صادمة، فقد قال في تصريحه: «إن موافقة الجمارك على دخول البضائع إلى البحرين تتطلب موافقة جهات مختلفة بحسب نوع البضائع، كموافقة وزارة البلديات على دخول المواشي، وموافقة «الصحة» على دخول الأدوية، وموافقة «المرور» على دخول السيارات، وهذا يتطلب وجود ممثلين لهذه الجهات على المنفذ البري على مدار الساعة».
بينما قال الشيخ محمد: «رغم موافقة وزارة المالية وموافقة ديوان الخدمة المدنية على توظيف ممثلين للوزارات ذات الصلة على مدار الساعة بالجسر، إلا أن الجهة الوحيدة التي تجاوبت هي هيئة تنظيم المهن الطبية»..!!
انتهى تصريح رئيس الجمارك، وشعرت معه أن جسر الملك فهد قد افتتح أمس، وليس في منتصف الثمانينات من القرن الماضي..!
ماذا يسمى كل هذا الذي يحدث؟
أليس كل ما سلف يؤثر على التنمية بالبلد، ويؤثر على الاقتصاد، ويؤثر على التجارة، ويؤثر على إيرادات الدولة؟
ذلك حين نكتشف أن 40 ألف شقة غير مسجلة في محافظة واحدة فقط، ولا أعلم هل تم تسجيلها، وهل تم تحصيل رسومها، أم أن وكيل البلديات يستعرض إحصائيات فقط؟
ولا نعلم عن بقية المحافظات الأربع وكم شقة غير مسجلة بتلك المحافظات..!
كل هذه الصور التي نشاهدها يومياً، ماذا تعني؟
أليس هذا مؤلماً أن يحدث في البحرين؟
ألا تراقب جهات بالدولة أداء الوزارات والوزراء؟
كل يوم يخرج لنا المسؤولون بتصريحات «وكلام هرش» والواقع مختلف تماماً على الأرض..!
هذا الواقع المرير، وماذا يمكن أن نسميه غير ذلك؟!