أحد المترشحين للانتخابات النيابية اتصل بي معلقاً على ما كتبته في اليومين الماضيين حول كلفة النواب قائلاً إن هذه الكلفة طبيعية وتدفعها أي دولة في العالم تؤمن بالديمقراطية وتنتهجها أسلوباً لتحقيق تقدمها وإنشاء المؤسسات اللازمة لتحقيق مطالب وتطلعات شعوبها والإيفاء بحقوقهم.
وتابع قائلاً: فهؤلاء النواب الذين يتقاضون المكافآت والامتيازات التي ذكرتها هم من يعول عليهم لتقديم مشروعات الإصلاح السياسي والاقتصادي، ويتصدون للفساد المالي والإداري ويتخذون القرارات الهادفة لحل مشكلة الإسكان والتعليم والصحة والحد من المصروفات العامة ومعالجة قضايا الميزانية العامة والدين العام وإصلاح سوق العمل وغيرها من القضايا التي ستحتاج من النواب الوقت والجهد الكبيرين فتبدو المكافآت والامتيازات التي تحدثت عنها قليلة ولا تساوي شيئاً.
قلت له: إنني أشكرك على هذا الطرح، وكنت أتمنى ومازلت أن تكون الديمقراطية والإصلاحات المطلوبة في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما أشرت إليه من موضوعات أخرى هي التي تستحوذ على الشعارات التي يرفعها المترشحون، ومن ثم تكون الموضوعات التي يناقشها المترشحون مع الناخبين، لكن الواقع الملموس لا يدل على حدوث أي منهما.
فضعف المترشحين في غالبيتهم العامة، وربما رغبتهم في عدم الاصطدام بالسلطة التنفيذية اعتقاداً منهم بتأثيرها في العملية الانتخابية، هذا وذاك جعلهم يهربون من القضايا الرئيسة والمصيرية إلى ماهو أصغر منها وأكثرها ضبابية، فهؤلاء المترشحون يريدون من ينتخبهم ولكنهم لا يريدون أن يلتزموا بتحقيق أي من مطالب الناخبين.
أما السبب الثاني والأهم فهو أن ثمن الديمقراطية الذي تتحدث عنه مقبول ومطلوب من أجل انتخاب مجلس نيابــي يحاسب السلطة التنفيذية ويعترض على مشروعاتها، ويتخذ القرارات التي يراها في صالح الشعب، فلكل مجلس صلاحيات ولكل ديمقراطية ثمن تحدده قيمة الديمقراطية.