الفطرة الإنسانية هي الجذر الذي نبتت عليه شجرة العلاقة بين الرجولة والأنوثة، أو بين الذكورة والأنوثة، دون وجود قواعد وشروط غير طبيعة فطرية العلاقة بكونها علاقة قريبة الشبه بين كل ما هو موجود في الطبيعة، علاقة جوار وحوار وتكامل، لا علاقة تناقض وتضاد، بمعنى أن النصفين؛ الرجــل / المرأة كل منهما يكمـــل الآخــر، دون سيطرة الواحد على الثاني، ودون مس بحرية الآخر، هذه الوحدة هي التي نراها في شكل الجسد الواحد في لحظة التحول من كائنات عضوية إلى كائنات روحية سماوية. يقول الحكيم الهندي واشو في إحدى محاضراته، وفي رده على سؤال ما هو الحب؟ من السهل أن تشعر بالحب، أما أن تعرفه فذلك صعب بالفعل، لو سألت سمكة: ماذا يشبه البحر؟ فستجيبك: «هذا هو البحر.. إنه في كل مكان، وهذا كل شيء». ولكن إذا ألححت على السؤال: «من فضلك عرفي البحر»، عندئذ تصبح المشكلة أصعب بكثير، ذلك أن أروع الأشياء وأجملها في الحياة هي التي يمكن أن تُعاش، والتي يمكن معرفتها، ولكن من الصعب وصفها، ومن الصعب تعريفها. إن تعاسة الإنسان تكمن في أنه في الأربعة أو الخمسة آلاف سنة الماضية، قد تكلم كثيراً عن شيء كان ينبغي أن يعيشه بصورة جدية، وكان ينبغي أن يدركه من الداخل.. وهو الحب. لقد كانت هناك أحاديث عظيمة عن الحب، كما أنشدت له أغاني كثيرة، وتراتيل دينية لا تعد ولا تحصى، لا تزال تنشد في المعابد والكنائس وغيرها.. فما الذي بقي ولم تفعله البشرية باسم الحب؟ في الحقيقة، لم يعد للحب مكان في حياة الإنسان، وإذا فتشنا عميقاً في لغات البشرية فلن نجد كلمة أكثر زيفاً من كلمة «حب»، فكل الأديان تواصل الحديث عن الحب، لكن نوع الحب الموجود في كل مكان، ذلك الحب الذي غلف الإنسان بالوراثة، نجح هذا النوع من الحب للأسف في سد كل منافذ الحب الحقيقي في حياة الإنسان، والغريب أن عامة الناس تعبد رجال الدين على أنهم آلهة الحب، في حين أنهم هم الذين زيفوا الحب وأعاقوا كل مجاريه من التدفق. ومن أجل التأكيد على حميمية العلاقة بين الرجل والمرأة وكيف أن واحدهما يحمل للآخر نفس المحبة، نقرأ في إحدى الحكايات التي تتناقلها مواقع الإنترنت، تقول الحكاية إن هناك رجلاً فقيراً جداً عاش مع زوجته، وذات مساء طلبت منه زوجته شراء مشط لشعرها الطويل حتى يبقى أنيقاً، نظر إليها الرجل وفي عينيه نظرة حزن، وقال لها لا أستطيع ذلك.. حتى أن ساعتي تحتاج إلى قشاط جلد ولا أستطيع شراءه، لم تجادله زوجته وابتسمت في وجهه! في اليوم التالي وبعد أن انتهى من عمله، ذهب إلى السوق وباع ساعته بثمن قليل وأشترى المشط الذي طلبته زوجته.. وعندما عاد في المساء إلى بيته وبيده المشط وجد زوجته بشعر قصير جداً، وبيدها قشاط جلد للساعة، فنظرا إلى بعضهما وعيناهما مغرورقتان بالدموع.. ليس لأن ما فعلاه ذهب سدى؛ بل لأنهما أحبا بعضهما بنفس القدر، وكلاهما أراد تحقيق رغبة الآخر، هو هذا العشق الطبيعي جداً.