محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربية السابق ورئيس منتدى «أصيلة» شخصية لها ثقلها الدولي، وأعتبره سفيراً وممثلاً للبحرين لا للمغرب فحسب، فالبحرين في قلبه وعقله ولسانه أين ما حل، يلومنا كبحرينيين لضعف حضورنا الأهلي في بريطانيا وفرنسا ككتاب وأكاديميين وناشطين، فوسائل الإعلام حين تتناول موضوع البحرين لا تجد متحدثاً إلا من جماعة محددة، هي الأكثر نشاطاً وحضوراً فلا يسمع العالم صوتاً مغايراً.... قلت له أتفق معك تماماً. محرر في البي بي سي وآخر من فرانس 24 التقيتهما في «أصيلة» يقولان لي يوجد لدينا متحدثون كثيرون من تلك الجماعة، وهم متواجدون في العاصمة البريطانية والفرنسية أو في البحرين لا يتأخرون أبداً حين نطلبهم، ولكننا نجد صعوبة في البحث عن من يمثل وجهة النظر الأخرى فلا نجد غير المتحدث الرسمي للحكومة. كنت أتحدث مع عضوة في جمعية سيدات الأعمال، تقول لي إن الاحتفاء بنا كمؤسسة مدنية كبير في كل تمثيلنا للبحرين في الخارج غرباً وشرقاً في الهند في الصين في روسيا، كما في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وينظر لنا كواجهة حضارية مشرفة لبلد سمحت بيئته السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة أن تؤسس مشاريعها الخاصة وترتقي بها وتشكل مؤسسة مدنية لحماية مصالحها، لكننا نحتاج إلى بعض النصائح والإرشادات والمعلومات التي ستضفي الكثير على ذلك الأثر لو كانت في حوزتنا حين نتحدث لوسائل الإعلام أو لمثيلاتنا من المؤسسات الغربية أو الشرقية، ونشعر بأننا لم نوظف هذا الحضور الدولي بالشكل المطلوب. أمامنا مسافة طويلة لنقطعها كي نعيد تعريف العالم بالبحرين وبما لديها، فتسويق البحرين ليس اقتصادياً فحسب بل نحتاج تسويقها سياسياً واجتماعياً أيضاً، وهذا يتطلب منا وضع رؤية شمولية لكيفية الاستفادة من كل بحريني ناشط في مؤسسات مدنية أو طالب علم أو مبتعث لتحويله لأداة تسويق ناجحة تعوض ما فاتنا، وتساعد بعثاتنا الرسمية في مهامها، فللخطاب مع الخارج أدوات ولغة تخاطب محددة إن لم تعرفها ترتد لك سلباً جميع محاولاتك في الشرح والتوضيح. حتى بعد أربع سنوات من 2011 مازال الكثير من الأوساط الثقافية والإعلامية الغربية وحتى العربية، يجهل حقيقة ما حصل في البحرين، مازالوا يجهلون أن لدينا دستوراً أو أحزاباً سياسية يجهلون مساحة حرية الأديان يجهلون واقع المرأة ويجهلون أن هناك مرشداً أعلى لبعض الجماعات الشيعية تماماً مثل المرشد الأعلى للإخوان، فإن كان مرشد الإخوان عربي مصري، فإن مرشد بعض الجماعات الشيعية إيراني. يفتح السائل عينيه متعجباً حين يسألني عن «المعارضة» فأرد عليه أتقصد حزب الوفاق؟ فيرد وهل لديكم أحزاب؟ كثيرون يعتقدون أن الاكتفاء والموافقة والسكوت على مصطلح «المعارضة» حين يستخدمه السائل عن جمعية الوفاق، يغيب حقيقة أن في البحرين دستوراً وقانوناً للأحزاب السياسية، ويجعل من الوفاق ممثلاً وحيداً عن الشعب، ويجعل من البحرين فسطاطين حكومة ومعارضة، ويخفي حقيقة أن في البحرين إصلاحات ديمقراطية أفسحت المجال للعمل السياسي بما فيها تشكيل أحزاب، أرد على سؤال هل أنتم من البلد الذي هدم المساجد؟ بأنني من البلد الذي بنى لكل 333 مسلماً مسجداً، وبه أكثر من 1340 مسجداً ومأتماً شيعياً في دولة لا تزيد مساحتها عن 760 كيلومتراً مربعاً وتعداد مواطنيها عن 600 ألف بحريني، لا تتخيلوا ردة الفعل وعلامات التعجب، مجرد تحويل السؤال بهذا الشكل يفتح باب النقاش لأوجه كانت مجهولة لا يعرفها الكثيرون على كثرة اتصالهم بالجماعة. والمؤسف أيضاً أن بعضنا هداه الله يعتقد أن دوره هو الدفاع عن «الحكومة» لا الدفاع عن دستوره والنظام الذي أرساه هذا الدستور، ولا يظن أن التزود بمعلومات كهذه ممكن أن تتصدى للهجوم غير المنطقي وغير العادل الموجه للبحرين ويقلب الطاولة ويحدث فارقاً، فيكون كالدبة التي تقتل صاحبها حين أرادت أن تذب عنها الذباب. الخطاب مع الوسائل الغربية يحتاج لأدوات ومقاربات حتى يلتقط الإرسال فلهم موجة إن لم تضبطها فإنك تخاطب نفسك.