بالإضافة إلى ماذكرناه يوم أمس عن أعداد وتكوين العمالة السائبة، وفي جانب الشفافية أيضاً، فإننا بحاجة لمعرفة الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية والمشار إليها سابقاً والمتعلقة بالأشخاص الذين يتاجرون بتأشيرات العمل وبالتالي يتاجرون بالبشر، وبالمؤسسات الوهمية التي يديرها أجانب استأجروا سجلات تجارية واستأجروا شققاً علقوا على أبوابها أسماء لا علاقة لها بما يدور في داخلها من المتاجرة في التأشيرات وبيعها على أقارب وأصدقاء العمالة الأجنبية الذين يرغبون في استقدام ذويهم للعمل في البحرين.
ففي دول خليجية أخرى يتم كشف هؤلاء وأولئك ومعاقبتهم بغرامات كبيرة تصل إلى 5000 دينار لكل تأشيرة عمل تم بيعها، وتوقيف أعمال وإغلاق تلك المؤسسات الوهمية وإعلان كل ذلك تباعاً من خلال الصحافة المحلية، أما في بلدنا البحرين والتي تجاوز فيها عدد العمالة السائبة عدد العمالة البحرينية في القطاعين العام والخاص، وهي سائرة في ازدياد فلا إعلان عن المتاجرين بالتأشيرات وبالبشر ولا أحد يدري ما إذا كانت هناك إجراءات قانونية تتخذ ضدهم، فالمتعارف عليه هنا أن المتاجرة بالبشر يقتصر فقط على المتاجرين بالنساء الداعرات.
إن معالجة مشكلة العمالة السائبة التي باتت تؤرق وزارة العمل كما تؤرق البحرين كلها بحاجة إلى خطوة جدية تتمثل في تنظيم حملة واسعة ومتواصلة ومعلنة نتائجها باستمرار تستهدف القبض على العمالة السائبة، بما فيهم العمالة المنزلية الهاربة، وذلك من خلال التفتيش على هويات الأشخاص في الأسواق والشوارع وأماكن أخرى تعرفها الجهات المسؤولة ليس بهدف اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم فقط، ولكن أيضاً – وهو الأهم – معرفة من استقدمهم وقبض منهم الثمن وتركهم يسرحون في الشوارع.
وبالنسبة إلى الخادمات الهاربات لا يقتصر السؤال عما إذا كان لديهن مبلغاً لشراء تذكرة العودة، وإنما الأهم من ذلك من الذي ساعدهن على الهروب ومنحهن السكن ووفر لهن «العمل» طوال سنوات الهروب، فهدفنا القضاء على ظاهرة العمالة السائبة وعلى هروب الخادمات من المنازل وهذا لا يتحقق إلا بمعرفة الذين يتسببون ويساعدون في استفحال هذه الظاهرة وفي تشجيع هروب الخادمات، وهو مع الأسف لا يبدو أن الجهات الرسمية المسؤولة توليه أي اهتمام.