في غمرة نقاش حاد وساخن حول الشأن السياسي البحريني؛ قال منفعلاً وهو يحيد عن النقاش إلى موضوع آخر: «أنتم أهل السنة لا تحبون علياً -رضي الله عنه- ولا توالونه وترون الصحابة أبا بكر وعمر وعثمان أحق منه بالخلافة كما أنكم لا تطلقون على أبنائكم اسمه واسم أبنائه».
طيلة النقاش الدائر أدركنا أن هناك أموراً مختلطة عنده قد تعود إلى ما فطم عليه من أفكار والبيئة التي نشأ فيها، والتي أوجدت له كل هذا اللبس الحاصل والمفاهيم الخاطئة عن أهل السنة، فرحنا بالبداية نقول له؛ أن كنا لا نحب سيدنا علياً فلم دائماً عند ذكره نقول «رضي الله عنه»؟ ونعتبره من الخلفاء الراشدين الأربعة؟ وندعو له كما ندعو لهم ونتناقل أحاديثه؟ ثم كيف لا نحب أن نسمي باسمه، وفي البحرين أكبر قائد وطني لدينا كنيته «بو علي» كون ابنه يحمل اسم علي؟ وكثير من أهل السنة بالبحرين يحملون أسماء الحسن والحسين وعلي؛ بل هناك منهم من يسمى بجعفر ورضا وزينب؟ ليس لدينا مشكلة مع الأسماء إطلاقاً عكسكم فأنتم محال أن تطلقوا على أبنائكم اسم أبا بكر أو عثمان أو عمر أو عبدالرحمن أو يزيد.
وتابعنا.. نحترم مناسبة عاشوراء، وهي مناسبة دينية تشمل الجميع وليست حكراً عليكم فقط، فليس شرطاً أن نقوم بما تقومون به حتى نؤكد لكم أننا نحب الحسين، الفرق بيننا وبينكم أنكم تشيعون مظاهر الحزن والعزاء في حين نحن أهل سنة مذهبنا يقوم على إشاعة الفرح والرضا بالقضاء والقدر، فنحيي هذه المناسبة بالعبادات والصوم والذكر والدعاء واستشعار عظمة الإسلام وأحداثه التاريخية ومرتبة الشهداء، فالدين ينهى عن الحزن والبكاء واللطم لأن فيها سعادة للشيطان، ونحن نفرح بالحسين حفيد رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام لأنه شهيد الله ونبقى بالنهاية مسلمين جميعاً.
المؤسف أن نرى أن هناك من يحاول خلط الأوراق السياسية بالدينية لأجل معاداة الغير، ومن ثم معاداة النظام والدولة والترويج للناس بأننا لا نوالي علياً رضي الله عنه ولا نحب اسمه وأسماء أبنائه الحسن والحسين، والأكثر أسفاً أن هناك من يصدق مثل هذا الكلام ولا يحتكم لعقله ويقارن بين ما يسمعه وما يراه على أرض الواقع، فيروح مندفعاً متحمساً لمهاجمة الأطراف الأخرى؛ كم شخصاً من أهل السنة يحمل اسم علي وحسن وحسين؟ كم شخصاً من أهل السنة ينقل أحاديث علي رضي الله عنه؟ ألا يبصر هؤلاء هذه الحقائق أم أن غسيل المخ أعماهم حقاً؟
كما أنه من المؤسف جداً إسقاط ذكرى عاشوراء على الشأن البحريني، ما زلت أذكر أحد الإعلاميين بجمعية الوفاق وقد كان زميلاً لنا بالجامعة حينما قال يوماً وهو يمتدح المدعو علي سلمان: «أتعلمين أنه في أخلاقه وصفاته كما الإمام علي؟، أستغفر الله العظيم يعني؛ هناك من تمادى في خياله في البحرين لدرجة أنه أخذ يشبه الصحابة رضي الله عنهم وأحد العشرة المبشرين بالجنة بأشخاص فتنتهم الدنيا وأشغلتهم عن حب الآخرة ولا يقتربون أبداً من صفات سيدنا علي رضي الله عنه، فراح يعبد كل كلامه وتوجيهاته دون أن «يشغل مخه» ويحاول أن يبين للناس أنه «الصحابي علي رضي الله عنه لهذا الزمن، أستغفر الله يعني»، ويحكم عقله ويفطن أن هؤلاء بشر عاديون حالهم حاله قد يخطئون ويصيبون ولا مكانة ولا مرتبة لديهم من الله، فهناك بدع ظهرت لا يجوز للمسلم أن يقولها؛ فالصحابة رضي الله عنهم مقامهم عظيم وكبير ولا يمكن لأي شخص كان أن يشبه أي أحد بهم ويقول إنه يشابهم ومثلهم.
الصحابة كما الرسل والأنبياء خطوط حمراء لا يمكن لأي شخص أن يأتي ويحاول فرض أحدهم وتنصيبه كرسول أو صحابي على المسلمين، فهذا شرك وفتنة عظيمة، وما يحدث عند بعض الجمعيات السياسية التي أخذ أعضاؤها يحاولون إسقاط التاريخ والأحداث والمواقف على واقعنا اليوم في تعاطيهم مع الدولة كارثة تعكس مدى التخبط الديني والفكري الذي يعانونه، ويحمل شيئاً من التطرف والعنصرية والطائفية البغيضة العدائية التي تقتص من الآخرين وتحاربهم.
- إحساس عابر..
مؤسف أن نجد بعض شبابنا -هداهم الله- يشدون الرحال إلى دول خليجية مجاورة للاحتفال بعيد «الهاليون»، والذي يقام في ليلة 31 أكتوبر، وهو عيد القديسين والمسيح، وهو عيد يكثر فيه شراء حبات القرع وتقام حفلات تنكرية ويرتدي الصغار والكبار ثياباً مخيفة لإبعاد الأرواح الشريرة كي تبتعد عن الدخول في البشر، مقابل عدم الاهتمام بالوقوف عند ذكرى عاشوراء والاتعاظ منها والتفقه أو حتى الاحتفال ببداية السنة الهجرية والعزم على فتح صفحة جديدة من حياته في الخير والتدين أكثر.
- إحساس عابر 2..
«كفى العلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه، وكفى بالجهل خمولاً أن يتبرأ منه من هو فيه» سيدنا علي رضي الله عنه.